منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " (1).
وهل وجوبه كفائي أم عيني؟
قال العلامة المصنف: إن تحصيل هذا العلم واجب على الكفاية، ويدل عليه ما تقدم من القرآن، فإنه دل على وجوب التفقه على الطائفة من كل فرقة، ولو كان واجبا على الأعيان لكان واجبا على كل فرقة، ولأن الأصل عدم الوجوب، والدليل إنما يتضمن الوجوب على الكفاية، ولأن الوجوب على الأعيان ضرر عظيم، وهو منفي اتفاقا (2).
وخلاصة القول أن الفقه إنما حاز هذه المرتبة من الشرف والسيادة على بقية العلوم لاقترانه بالعمل، وإلا فهو حبر على ورق لا غير، فالتأكيد الشديد على تعلم الفقه وتعليمه الذي جاء من الله تعالى ونبيه وأوليائه وخلفاء أوليائه الفقهاء ليس إلا لأجل العمل، لأجل امتثال أوامر الله والتجنب على نواهيه، فالعمل بالنسبة إلى الفقه كمثل القطب من الرحى.
ولذا نرى الله سبحانه يصف عباده الذين هداهم والذين هم أولوا الألباب بأنهم " يستمعون القول فيتبعون أحسنه " (3).
ويأمر الله تعالى معلمي الكتاب بأن يكونوا ربانيين، قال: " ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون " (4).
ونرى في القرآن سمتين للمرسلين: لا يسأل الناس الأجر، وهو مهتد، قال تعالى: " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون " (5).