مذهب آبائنا وأخذنا دين العرب المنشعب إلى مذاهب عديدة، وفيها نكاح الأم والأخت والبنت، فكان لنا أن نرجع إلى دين أسلافنا، وانتشر الخبر في ممالك السلطان، وكانوا إذا رأوا عالما أو مشتغلا يسخرون منه ويستهزؤون به ويسألونه عن هذه المسائل.
وفي هذه الأيام وصل السلطان في مراجعته إلى گلستان، وكان فيها قصر بناه أخوه السلطان غازان خان، فنزل السلطان مع خاصته فيه، فلما كان الليل أخذهم رعد وبرق ومطر عظيم في غير وقته بغتة، وهلك جماعة من مقربي السلطان بالصاعقة، ففزع السلطان وأمراؤه وخافوا فرحلوا منه على سرعة. فقال له بعض أمرائه: إن على قاعدة المغول لا بد أن يمر السلطان على النار، فأمر بإحضار أساتيد هذا الفن فقالوا: إن هذه الواقعة من شؤم الإسلام. فلو تركه السلطان تصلح الأمور.
فبقي السلطان وأمراؤه متذبذبين في مدة ثلاثة أشهر في تركهم دين الإسلام، وكان السلطان متحيرا متفكرا، ويقول: أنا نشأت مدة في دين الإسلام وتكلفت في الطاعات والعبادات، فكيف أترك دين الإسلام؟!
فلما رأى الأمير طرمطار تحيره في أمره قال له: إن السلطان غازان خان كان أعقل الناس وأكملهم ولما وقف على قبائح أهل السنة مال إلى مذهب التشيع ولا بد أن يختاره السلطان، فقال: ما مذهب الشيعة؟ قال الأمير طرمطار:
المذهب المشهور بالرفض، فصاح عليه السلام: يا شقي تريد أن تجعلني رافضيا!
فأقبل الأمير يزين مذهب الشيعة ويذكر محاسنه له، فمال السلطان إلى التشيع.
وفي هذه الأيام ورد على السلطان السيد تاج الدين الآوي الإمامي مع جماعة من الشيعة، فشرعوا في المناظرات مع القاضي نظام الدين في محضر السلطان في مجالس كثيرة، وكانت مناظرتهم بمثابة المقدمة للمناظرة الكبيرة التي وقعت بعد هذا بين علماء السنة والعلامة الحلي بمحضر السلطان.