يكن عليه شئ لأنه محسن بفعله - على ما قلناه فيما مضى وحررناه - وكان دمه هدرا، فإن لم يكن المجنون أراده وقتله عمدا كان عليه ديته ولم يكن عليه قود لأنه لا يقاد الكامل بالناقص، وإن كان قتله له خطأ كانت الدية على عاقلته.
وإذا قتل مجنون غيره كان عمده وخطأه واحدا تجب فيه الدية على عاقلته فإن لم تكن له عاقلة كانت عاقلته الإمام ع دون بيت المال لأن ميراثه له اللهم إلا أن يكون المجنون قتل من أراده فيكون حينئذ دم المقتول هدرا، ومن قتل غيره وهو صحيح العقل ثم اختلط وصار مجنونا قتل بمن قتله ولا تكون فيه الدية.
وقد روي: أن من قتل غيره وهو أعمى فإن عمده وخطأه سواء وأن فيه الدية على عاقلته، والذي تقتضيه أصول المذهب أن عمد الأعمى عمد يجب فيه عليه القود لقوله تعالى: النفس بالنفس، وقوله تعالى: ولكم في القصاص حياة، فإذا لم يقتل الأعمى بمن قتله عمدا خرجت فائدة الآية فلا يرجع عن الأدلة القاهرة برواية شاذة وخبر واحد لا يوجب علما ولا عملا.
ومن قتل صبيا متعمدا والصبي غير بالغ قتل به ووجب عليه القود على الأظهر من أقوال أصحابنا ولقوله تعالى: النفس بالنفس، وليس هذا كمن قتل مجنونا عمدا لأن الاجماع منعقد على أنه لا قود على قاتل المجنون وليس معنا إجماع منعقد على أنه ليس على قاتل الصبي غير البالغ قود وأيضا القياس عندنا باطل، فإن قتله خطأ كانت الدية على عاقلته.
وإذا قتل الصبي رجلا متعمدا كان عمده وخطأه واحدا سواء كان له دون عشر سنين أو أكثر من عشر سنين على الصحيح من الأقوال وما تقتضيه الأدلة القاهرة فإنه يجب فيه الدية على عاقلته.
وقال شيخنا في نهايته: إلى أن يبلغ عشر سنين أو خمسة أشبار فإذا بلغ ذلك اقتص منه وأقيمت عليه الحدود التامة، وهذا القول غير مستقيم ولا واضح لأنه مخالف للأدلة العقلية والسمعية ولا يلتفت إلى رواية شاذة وخبر واحد لا يوجب علما ولا عملا وإن كان شيخنا أورد الرواية في نهايته فإنه أوردها إيرادا لا اعتقادا كما