وإذا خرج أهل الذمة عن ذمتهم بتركهم شرائطهم من ارتكابهم الفجور أو التظاهر بشرب الخمور وما يجري مجرى ذلك مما ذكرناه فيما تقدم حل دمهم وبطلت ذمتهم غير أنهم لا يجوز لأحد أن يتولى قتلهم إلا الإمام أو من يأمره الإمام به ويأذن له فيه، وديات أعضاء أهل الذمة وأروش جراحاتهم على قدر دياتهم سواء لا يختلف الحكم فيه، ودية جنين أهل الذمة عشر دية آبائهم كما أن دية جنين المسلم كذلك على ما يأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى، وإذا قتل أهل الذمة بعضهم بعضا أو تجارحوا قيد بينهم واقتص لبعضهم من بعض كما يقتص للمماليك بعضهم من بعض، وديات رقيقهم ما لم يتجاوز قيمة الحر الذمي والأمة دية الحرة الذمية فيرد إليهما.
وإذا قتل حر عبدا مسلما لم يكن عليه قود وكان عليه ديته وديته قيمة العبد يوم قتله إلا أن تزيد على دية الحر المسلم، فإن زاد على ذلك رد إلى دية الحر وإن نقص عنها لم يكن عليه أكثر من قيمته، فإن اختلفوا في قيمة العبد يوم قتله كان على مولاه البينة بأن قيمته كان كذا يوم قتل، فإن لم يكن له بينة كان القول قول القاتل مع يمينه لأنه غارم ومدعي عليه وجاحد بأن قيمته على ما ادعاه، فإن رد اليمين على مولى العبد كان ذلك أيضا جائزا وهو بالخيار في الرد، ودية الأمة المسلمة قيمتها ولا يتجاوز بقيمتها دية الحرائر من النساء بأن ثمنها على دية الحرة ردت إلى ذلك وإن كان أقل من دية الحرة لم يكن على قاتلها أكثر من ذلك، وإن قتله خطأ محضا كانت الدية على عاقلته على ما بيناه.
فإن قتل عبد حرا عمدا كان عليه القتل إن أراد أولياء المقتول ذلك، فإن لم يطلبوا القود وطلبوا الدية فليس لهم إلا نفس المملوك وعلى السيد تسليمه إليهم فإن شاؤوا استرقوه وإن شاؤوا قتلوه، فإن أرادوا قتله تولى ذلك عنهم السلطان أو يأذن لهم فيه، وإن اصطلح أولياء المقتول وسيد العبد على أخذ الدية من مال السيد كان ذلك جائزا وإن لم يفعل السيد ذلك فلا شئ عليه وعليه تسليمه إليهم فقط، فإن استرقوه ورضوا باسترقاقه دون قتله فليس لهم بعد ذلك قتله وصار عبدا لهم وليس لهم بعد العفو عن قتله واسترقاقه قتله بحال، فإن كان قتله للحر خطأ محضا فليس السيد عاقلة له بل إن شاء أن يؤدي عنه الدية فعل ذلك وإن شاء يسلمه إليهم