أكله لأنه أمسك على نفسه.
ومن شرط استباحة ما يقتله الكلب أن يكون صاحبه سمى عند إرساله، فإن لم يسم عمدا لم يحل أكله إلا إذا أدرك ذكاته، وحده أن تجده يتحرك عينه أو أذنه أو ذنبه فتذكيه حينئذ بفري الحلقوم والأوداج.
فصل: واختلفوا في من التي في قوله تعالى: مما أمسكن عليكم، فقال قوم: هي زائدة لأن جميع ما يمسكه فهو مباح وتقديره فكلوا ما أمسكن عليكم، ويجرون ذلك مجرى قوله: يكفر عنكم من سيئاتكم، وأنكر قوم ذلك وقالوا: من للتبعيض كما يقال: أكلت من الطعام، تريد أكلت شيئا من الطعام.
والأقوى أن تكون من للتبعيض في الآية لأن ما يمسكه الكلب من الصيد لا يجوز أكل جميعه، لأن في جملته ما هو حرام من الدم والفرث والغدد والطحال والمرارة والمشيمة والفرج والقضيب والأنثيين والنخاع والعلباء وذات الأشاجع والحدق والخرزة تكون في الدماع، فإذا قال تعالى: فكلوا مما أمسكن عليكم، أفاد ذلك بعض ما أمسكن وهو الذي أباح الله أكله من اللحم وغيره وقوله تعالى: واذكروا اسم الله عليه، صريح في وجوب التسمية عند الإرسال، وهو قول ابن عباس، وقوله: أمسكن عليكم، يدل على أن الكلب متى غاب عن العين مع الصيد ثم رآه ميتا لا يجوز أكله لأنه يجوز أن يكون مات من غير قتل الكلب له، ومتى أخذ الكلب الصيد ومات في يده من غير أن يجرحه لم يجز أكله، وفحوى الآية يدل على هذا أيضا، وعموم الآية يدل على أن من لا يؤكل ذبيحته من أجناس الكفار لا يؤكل صيده، فأما الاصطياد بكلابه المعلمة إذا صاد المسلم بها فجائز.
باب ما يحرم من الصيد:
يحرم أكل الأرنب والضب ومن صيد البحر الجري والمارماهي وكلما لا فلس له من