بكافر ولا معتقد أن الله غير مستحق للعبادة على الحقيقة وإنما هو خال من المعرفة، فجاز أن يجري مجرى العارف متى ذبح وتلفظ بالتسمية، وهذا كله موجود في الكفار.
فإن اعترض علينا بقوله: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، وادعى أن الطعام يدخل فيه ذبائح أهل الكتاب وصيدهم؟
فالجواب عن ذلك: أن أصحابنا يحملون قوله: وطعام الذين أوتوا الكتاب، على ما يؤكل من حبوب وغيرها وهذا تخصيص لا محالة، لأن ما صنعوه طعاما من ذبائحهم يدخل تحت اللفظة ولا يجوز اخراجه إلا بدليل.
فإذا قلنا: نخصصه بقوله: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه قيل لنا: ليس أنتم بأن تخصوا آيتنا بعموم آيتكم بأولى منا إذا خصصنا الآية التي تعلقتم بها لعموم ظاهر الآية التي استدللنا بها.
والذي يجب أن نبينه في الفرق بين الأمرين أنه قد ثبت وجوب التسمية عند إرسال الكلب وعند الذبيحة وأن من تركها عامدا لا يكون مذكيا ولا يجوز أكل صيده وذبيحته على وجه من الوجوه، وكل من ذهب إلى هذا المذهب من الأمة يذهب إلى تخصيص قوله:
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، وأن ذبائحهم لا تدخل تحته والتفرقة بين الأمرين خلاف الاجماع.
ولا يلزم على ما ذكرناه أن أصحاب أبي حنيفة يوافقونا على وجوب التسمية لأنا نرى وجوب التسمية مع الذكر على كل حال، وعند أصحاب أبي حنيفة أنه جائز أن يترك التسمية من أداه اجتهاده إلى ذلك أو استفتى من هذه حاله، والإمامية يذهبون إلى أن التسمية مع الذكر لا تسقط بحال من الأحوال.
فإن قيل: على هذه الطريقة التي تعتمدونها من الجمع بين المسألتين ما أنكرتم من مخالفكم أن يعكس هذه الطريقة عليكم ويقول: قد ثبت أن التسمية غير واجبة، أو يشير إلى مسألة قد دل الدليل على صحتها عنده، ثم يقول: وكل من ذهب إلى هذا الحكم يذهب إلى عموم قوله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، والتفرقة بين الأمرين خلاف الاجماع؟