وقوله: وطعامه، ما كان منه مملوحا لأن ما يقذف به البحر ميتا لا يجوز عندنا أكله لغير المحرم ولا للمحرم إلا إذا قذف به البحر حيا وتحضره أنت فيجوز لك أكله وإن لم تكن صدته. وقال الزجاج: معنى قوله وطعامه، ما ينبت بمائه من الزرع والنبات، وقوله تعالى:
متاعا لكم، مصدر بدل قوله: أحل لكم، على أنه قد متعكم متاعا، أي منفعة للمقيم والمسافر.:
وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما: يقتضي ظاهره تحريم الصيد في حال الإحرام وأكل ما صاده غيره وهو مذهبنا، وصيد السمك اخراجه من الماء حيا على أي وجه كان، وما يصيده غير المسلم لا يؤكل إلا ما شوهد ولا يوثق بقوله أنه صاده حيا.
فصل: وقوله تعالى: يسألونك ما ذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه، هذه أبين آية في كتاب الله في الاصطياد وأكل الصيد لأنها أفادت جواز تعليم الجوارح للاصطياد وأكل ما يصيد الكلب ويقتل إذا كان معلما، لأنه لو لم يقتله لما جاز أكله حتى يذكى معلما كان أو غير معلم، فمعنى الآية: يسألك يا محمد أصحابك أي شئ أحل لهم أكله من المطاعم؟ فقل لهم: أحل لكم الطيبات، أي ما يستلذ منها وهو حلال، وأحلت لكم أيضا مع ذلك صيد ما علمتم من الجوارح وهي الكواسب من سباع الطير والبهائم، ولا يجوز أن يستباح عندنا أكل شئ مما اصطاده الجوارح والسباع سوى الكلب إلا ما أدرك ذكاته.
وقوله: وما علمتم، تقديره وصيد ما علمتم، فحذف لدلالة الكلام عليه لأن القوم على ما روي كانوا سألوا النبي ص حين أمرهم بقتل الكلاب عما يحل لهم اتخاذه منها وصيده فأنزل الله فيما سألوه عنه هذه الآية، فاستثنى ع كلاب الصيد وكلاب الماشية وكلاب الحرث مما أمر بقتله وأذن في اتخاذ ذلك.