خناقها، وقال: كان أهل الجاهلية يخنقونها ثم يأكلونها، والأولى حمل الآية على عمومها في جميع ذلك سواء كان بشئ من قبلها أو من قبل غيرها لأنه تعالى وصفها بالمنخنقة، ولو كان الأمر على ما ذكره قتادة فقط لقال: والمخنوقة.
وقوله تعالى: والموقوذة، يعني التي تضرب حتى تموت، " والمتردية " التي تقع من جبل أو تقع في بئر فتموت، فإن وقعت في شئ من ذلك ويعلم أنها لم تمت بعد ولم يقدر على موضع ذكاته جاز أن تطعن وتضرب بالسكين في غير المذبح حتى تبرد ثم تؤكل، " والنطيحة " يعني التي تنطح أو تنطح.
فإن قيل: كيف تكون بمعنى المنطوحة وقد ثبت فيها الهاء وفعيل إذا كان بمعنى مفعول لا يثبت فيه الهاء، مثل " عين كحيل " و " كف خضيب "؟
قلنا: اختلف في ذلك فقال البصريون أثبت في " النطيحة " الهاء لأنها جعلت كالاسم مثل الطويلة، فوجه التأويل النطيحة إلى معنى الناطحة، ويكون المعنى حرمت عليكم الناطحة التي تموت من نطاحها، وقال بعض الكوفيين: إنما يحذف هاء الفعيل بمعنى المفعول إذا كان مع الموصوف، فأما إذا كان منفردا فلا بد من إثبات الهاء، فيقال: رأيت قتيلة، والقول بأن النطيحة بمعنى المنطوحة هو قول أكثر المفسرين لأنهم أجمعوا على تحريم الناطحة والمنطوحة إذا ماتتا.
وقوله: وما أكل السبع، أي وحرم عليكم ما أكل السبع بمعنى ما قتله السبع، قاله ابن عباس وهو فريسة السبع، " إلا ما ذكيتم " أي إلا ما أدركتم ذكاته فذكيتموها من هذه الأشياء التي وصفها، وموضع ما نصب بالاستثناء.
واختلفوا في الاستثناء إلى ما ذا يرجع، فقال قوم: يرجع إلى جميع ما تقدم ذكره من قوله: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، إلا ما لا يقبل الذكاة من لحم الخنزير والدم، وهو الأقوى وهو المروي عن علي ع وابن عباس، قال: وهو أن تدركه يتحرك رجله أو ذنبه أو تطرف عينه، وهو المروي عنهما ع.
وقال آخرون: هو استثناء من التحريم لأنه من المحرمات لأن الميتة لا ذكاة لها