العبارة الشرعية بتحريم ما له صفة المباح في العقل امتنع منه وإن أباحت الشريعة ما كان محظورا قيل به، وقد نطق الكتاب بتحريم الميتة قال الله تعالى: حرمت عليكم الميتة، وأطلقت الأمة القول بتحريم الميتة ثم أجمعت على أن إطلاق قولها بالتحريم وما ورد به نص الكتاب مخصوص غير محمول على عمومه وشموله وإن اختلفوا فيما هو مباح منها.
والميتة هي كل حيوان صامت مات لا على وجه الذكاة، والذكاة مع الإمكان على ثلاثة أضرب: الإبل إذا نحرت من غير تعمد ترك التسمية والسمك والجراد إذا اصطيدا، لقوله ع وقد سئل عن ذكاتهما فقال: صيده ذكاته، وما سوى ذلك مما يعمل فيه الذكاة إذا ذبح ولم يتعمد ترك التسمية على التسمية على ما ذكرناه في نحر الإبل.
فإن قيل: ما معنى قولكم: مع التمكين، من أي شئ تحرزتم به؟ قلنا: نتحرز بذلك من الجمل والبقر وما جرى مجراهما إذا صال شئ منها أو تردى في بئر ولم يتمكن من تذكيته، فإن الأمر ورد بأن ينفح بالرماح أو يرمي بالسهام أو يضرب بالسيوف حتى يموت فتلك ذكاته، وإن وقع في غير منحره أو مذبحه وتحرزنا أيضا عما نذكره، فأما إذا رمينا صيدا وقد سمينا فأصابه السهم فقتله فإنه لا خلاف بين الأمة في ذكاته وإن لم يقع في مذبحه، وكذا ما يقتله الكلب المعلم.
وقد قال أبو عبد الله ع: أحل من الميتة عشرة أشياء: الصوف والشعر والوبر والبيض والناب والقرن والظلف والأنفحة واللبن والعظم، فالمباح من الميتة عندنا هذه العشرة والدليل على ذلك إجماع الإمامية على القول بصحته والفتوى به، ويدل عليه قوله تعالى: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير... الآية، ولا يجوز الحكم بتحريم شئ سوى ما ذكر في الآية إلا بدليل ولا دليل مقطوع به على تحريم شئ مما عددناه.
وأما المحظور من المذكي فالمجمع عليه عشرة أشياء أيضا: الدم والخصيتين و القضيب والرحم والمثانة والغدد والطحال والمرارة والنخاع وذات الأشاجع وهي موضع الذبح ومجمع العروق، والدليل على ذلك إجماع الطائفة والأخبار المتواترة عن أئمة الهدي ع في ذلك.