وأما الاشتقاق: فلأن " العادة " مأخوذة من المعاودة ولا تحصل بالمرة الواحدة، ولا تطلق العادة إلا مع التكرار، والوجه قوله عليه السلام: تحيضي أيام أقرائك، وأقل ما يراد بهذه اللفظة اثنان، أو ثلاثة.
وأما خبر الشافعي: فلانة ليس بصريح في الاقتصار على المرة، فلا يكون مقدما على موضع التصريح، ولا يشترط في استقرار العادة استقرار عادة الطهر، بل لو رأت في شهر خمسة ثم رأت طهرا بقية الشهر، وفي شهر آخر مرتين بينهما عشرون يوما، وفي آخر حيضتين بينهما خمسة عشر يوما، فقد استقرت عادتها في الحيض لقوله عليه السلام " تنظر أيامها أولا فلا تصلي فيها " (1) ولا يشترط التساوي في الوقت بل لو رأت خمسا في شهر من أوله وفي شهر آخر من أوسطه استقرت عادتها عددا، فإن اتفق الوقت مع العدد استقر عادة عملا بظاهر الرواية.
مسألة: ولو اجتمع لامرأة عادة وتمييز فإن كان الزمان واحدا فلا بحث، وإن اختلفت مثل إن رأت عادتها في الأصفر وفيما بعدها أو قبلها الأسود، فإن لم يتجاوز فالجميع حيض، وإن تجاوز ففيه قولان: قال في الجمل والمبسوط: يرجع إلى العادة. وهو الأصح وهو مذهب علم الهدى والمفيد وأتباعهم، وقال في النهاية:
ترجع إلى التمييز. وهو مذهب الشافعي، وتردد (ره) في مسائل الخلاف.
لنا ما روي أن أم سلمة " سألت رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة بنت أبي جيش أنها استحاضت، فقال: تدع الصلاة قدر أقرائها " (2) قال أبو عبد الله عليه السلام: وهذه السنة التي تعرف أيام أقرائها، ولأن العادة كالمتيقن فيجب المصير إليها، ولا يقال: الصفة علامة فيصار إليها كالصفة في المني عند الاشتباه، لأنا نقول: صفة الدم يسقط اعتبارها في العادة لأن العادة أقوى في الدلالة، ولرواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام