غاية الأمر إنهم مقرون على صحة ما في أيديهم من الأسباب مماشاة معهم وإلزاما لهم بما ألزموا على أنفسهم مع كونها فاسدة غير مؤثرة فيما قصدوه منها من الآثار، وذلك لأن الخمر والخنزير يصح تملكها في شريعتهم فيصح لهم جعلها مهرا، وحينئذ لو أسلما أو أسلم أحدهما فإن كان بعد القبض فلا إشكال في أنه لا شئ للزوجة على الزوج لبراءة ذمته وإن كان قبل القبض فهل يجب على الزوج دفع ما هو القيمة عند المستحلين تنزيلا لتعذر التسليم منزلة التلف أو الواجب مهر المثل تنزيلا لتعذر التسليم منزلة الفساد.
ذهب المشهور إلى الأول ويدل عليه ما رواه المشايخ الثلاثة عن رومي بن زرارة، عن عبيد بن زرارة قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: النصراني يتزوج النصرانية على ثلاثين دنا من خمر أو ثلاثين خنزيرا ثم أسلما بعد ذلك ولم يكن دخل بها؟
قال عليه السلام: ينظر كم قيمة الخمر وكم قيمة الخنزير فيرسل بها إليها، ثم يدخل عليها وهما على نكاحهما الأول " (1).
ولا يعارضه ما رواه في الكافي والتهذيب عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سأله رجل عن رجلين من أهل الذمة أو من أهل الحرب تزوج كل واحد منهما امرأة وأمهرها خمرا أو خنازير، ثم أسلما؟ فقال عليه السلام: ذلك النكاح جائز حلال لا يحرم من قبل الخمر ولا من قبل الخنازير، قلت: فإن أسلما قبل أن يدفع إليها الخمر، قال: إذا أسلما حرم عليه أن يدفع إليها شيئا من ذلك ولكن يعطيها صداقها " (2).
قد يقال في دفع المعارضة: إن الرواية الأولى صريحة في وجوب الانتقال إلى القيمة بخلاف الثانية فإنها ليست إلا ظاهرة في وجوب الانتقال إلى مهر المثل، وذلك لإمكان حمل الصداق فيها على القيمة مضافا إلى أن الظاهر أن المراد من قول الراوي في الثانية