وأما ما كتب الميت بخطه فظاهر المتن عدم وجوب العمل به ولم يظهر وجهه مع كفاية الكتابة في الوصية وبناء العقلاء على العمل في مقاصدهم واكتفاء المأمورين إذا صدر من أمرائهم أوامرهم في الأمور الخطيرة، بل بناء الفقهاء في الأحاديث بما كتب في الكتب، والنصوص الناهية عن أن يبيت الانسان إلا ووصيته تحت رأسه، ومن المعلوم أن الغرض العمل بها إذا مات ولعل نظر المانعين إلى صورة عدم حصول القطع أو الاطمينان بأنه خط الميت أو إرادة الوصية.
وأما عدم صحة الوصية بمعصية بمعنى صرف المال في المعصية فلا إشكال فيه ولا خلاف ولا يمكن تنفيذها ويدل عليه الخبر " عن قول الله تعالى: " فمن بدله بعد ما سمعه - الآية " قال: نسختها التي بعدها " فمن خاف من موص جنفا أو إثما " قال:
يعني الموصى إليه إن خاف جنفا من الموصي [في ثلثه] فيما أوصى به إليه مما لا يرضى الله تعالى من خلاف الحق فلا إثم على الموصى إليه أن يبدله إلى الحق وإلى ما يرضى الله تعالى به من سبيل الخير ". (1) ونحو المرسل المضمر عنه أنه تعالى أطلق للموصى إليه أن يغير الوصية إذا لم تكن بالمعروف وكان فيها جنفا ويرده إلى المعروف لقوله تعالى " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه ". (2) ولعل المراد من النسخ في الخبر الأول التخصيص لعدم إمكان الحمل على النسخ بمعناه المعروف ولعل المراد من التبديل عدم العمل بها لا التبديل بمعناه الظاهر كما لو أوصى بصرف ثلثه في البيع والكنائس فبدل الوصي في عمارة المسجد لعدم الدليل عليه غير الخبرين وإثبات مثل هذا الحكم بهما مشكل.
(الثاني في الموصي ويعتبر فيه كمال العقل والحرية، وفي وصية من بلغ عشرا في البر تردد، والمروي الجواز، ولو جرح نفسه بما فيه هلاكها ثم أوصى لم تقبل، ولو أوصى ثم جرح قبلت، وللموصي الرجوع في الوصية متى شاء).