وخبره الآخر عنه عليه السلام أيضا " من أوقف أرض ثم قال: إن احتجت إليها فأنا أحق بها، ثم مات الرجل فإنها ترجع إلى الميراث " فإن حكمه عليه السلام بالرجوع إلى الميراث بعد السؤال عن صحة هذا الشرط وعدمها وعن رجوعه ميراثا وعدمه إذا شرط هذا الشرط في الخبر الأول وبالرجوع إليه في الخبر الثاني بقول مطلق من غير سبق سؤال ظاهر في بطلانه.
ويمكن أن يقال: إن الخبر الأول ظاهر في أن المتصدق هل له أن يشترط الشرط المذكور مع أنه جعله لله فكأن صحة التصدق مفروغ عنها والسؤال عن صحة الشرط وفسادها فأجيب ظاهرا بصحة الشرط المذكور وقرر على صحة التصدق فالخبر دليل على الصحة لا على الفساد، والخبر الثاني لو لم يكن فيه ما ذكر فيه " فإنها ترجع إلى الميراث " لكان ظاهرا في البطلان، لكن معه لا ظهور له ولا أقل من الإجمال ومعه لا مجال لرفع اليد عن ظهور الخبر الأول في الصحة.
(الثاني في الموقوف ويشترط أن يكون عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها انتفاعا محللا ويصح إقباضها مشاعة كانت أو مقسومة).
إذا كان حقيقة الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة كما يظهر من بعض الأخبار فلا بد أن يكون الموقوفة عين لها منفعة واعتبار المملوكية بمعنى كونها تحت سلطنة الواقف لأنه مع عدم السلطنة ليس للواقف التحبيس والتسبيل فما كان الانتفاء به بإتلافه لا يصح وقفه، وعلى هذا فلا مانع من وقف الدين والكلي في الذمة مع القابلية للبقاء والانتفاع بالمنافع لكن ادعي الإجماع على عدم الصحة، فإن تم الاجماع وإلا فلا مانع حيث يصح الاقباض وبقاء العين والانتفاع بالمنفعة، والظاهر أن الاجماع في خصوص الكلي في الذمة لا الكلي في المعين فإن الظاهر أن حاله حال المشاع الذي لا إشكال في صحة وقفه، وما يقال من أن المستفاد من قوله صلى الله عليه وآله " حبس الأصل سبل الثمرة " وما وقع من وقوف المعصومين اعتبار فعلية التهيؤ للمنفعة في الأصل الذي يراد حبسه ولا ريب في انعدام التهيؤ فعلا للكلي المسلم فيه مثلا ممنوع.
وأما اعتبار كون المنفعة المقصودة محللة فلا شبهة فيه حيث إن الشارع لم يجوز