واحتمال العقد لا بد من أن ينطبق الجواب على كلا الاحتمالين، نعم يمكن الخدشة بالدلالة من جهة عدم ظهور لا يصلح في عدم الجواز الوضعي مع اقترانه بقوله حتى يعوضها شيئا يقدم إليها مع أن الإعطاء قبل الدخول غير لازم.
ثم إنه لا إشكال في أن مجرد العقد في تفويض البضع لا يوجب المهر ولا المتعة وإنما يجب مهر المثل بالدخول والمتعة بالطلاق قبل الدخول ويدل عليه قوله تعالى في الآية الشريفة والأخبار المذكورة والمعروف بين الأصحاب أن المعتبر في مهر المثل حال المرأة فالمراد به ما يبذل في مقابل نكاح أمثالها ممن كانت متصفة بمثل صفاتها وما هي عليه من الشرف والجمال وعادة نسائها والسن والبكارة والثروة والعقل والعفة والأدب وحسن تدبير المنزل وأضدادها وبالجملة ما يختلف به الغرض والرغبة والمذكور في الأخبار قولهم عليهم السلام: لها صداق نسائها، ومهر مثل مهور نسائها الظاهر في نساء أهلها وقد يوجه بدعوى أن المراد من نسائها فيها من شابهتها في الصفات من نساء أهلها من جهة أن ذلك نوع من التقويم الذي ينبغي ويبعد هذا التوجيه أنه على هذا ليس لذكر خصوص نسائها فائدة، وربما لم يكن في نسائها من تكون مثلها فالظاهر ملاحظة نساء أهلها من دون ملاحظة ما ذكر والمعروف أيضا أنه يرجع إلى مهر المثل ما لم يتجاوز عن مهر السنة ومع التجاوز يرد إلى مهر السنة.
واستدل عليهم مضافا إلى دعوى الإجماع برواية أبي بصير المذكورة وأورد عليه بأن الرواية مع ضعف سندها وإن كانت منجبرة بالشهرة قاصرة الدلالة من جهة أنها ظاهرة بقرينة الفاء في مفوضة المهر لا مفوضة البضع وهذه محل كلامنا، بل يمكن دعوى أن موردها ليس المفوضة أصلا لأن ظاهرها أنه كان بناؤه على ذكر المهر ونسيه، هذا مضافا إلى أن مقتضى إطلاقها هو استحقاقها لمهر السنة بالدخول مطلقا سواء كان مهر مثلها أقل من مهر السنة أو أكثر فتقع المعارضة بينها وبين ما دل على أنها تستحق بالدخول مهر نسائها أقل من مهر السنة أو أكثر. ثم جمع بينهما بحمل مهر النساء في الثاني على مهر السنة، واستشهد لهذا الجمع بأخبار منها صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن المهر فقال: ما تراضى عليه الناس أو اثنتي عشرة