وخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (إذا جاء الرجل مبادرا والإمام راكع أجزءه تكبيرة واحدة إلى أن قال ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو في التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان وإقامة ومن أدركه وقد سلم فعليه الأذان والإقامة) (1) ولا يبعد أن يقال: النظر في هذين الخبرين إلى سقوط الأذان والإقامة وعدمه من جهة الايتمام والنظر في الأخبار السابقة إلى الجماعة الواقعة في المسجد فلا منافاة، ثم المراد من التفرق هل هو التفرق الحاصل بمجرد افتراق بعض مجموع المصلين ولو كان واحدا عن الكل أو الحاصل من افتراق كل بعض من بعض بحيث لو بقي اثنان لما صدق التفرق؟ قد يستظهر المعنى الثاني مؤيدا برواية أبي علي الظاهرة في أن بقاء البعض موجب للسقوط وإن لم يكن بهيئة الصف والجماعة، ولا يقال: مقتضى ذلك كفاية بقاء واحد منهم في السقوط لأنه يقال: هذه الراية ظاهرة في بقاء أزيد من واحد بقرينة قول الراوي (قد دخل علينا رجل المسجد فأذن) فمعناه ويمكن أن يقال: مقتضى خبر أبي بصير الثاني أن الملاك في السقوط عدم تفرق الصف ويشكل الصدق بمجرد بقاء اثنين خصوصا مع استطالة الصف وكثرتهم ولا ينافي هذا رواية أبي علي المذكورة لاحتمال أن يكون حد موضوع الحكم بالسقوط معلوما للسائل والإمام عليه السلام حسن فعله وبين أنه على وجه العزيمة لا الرخصة وأما ما أفيد أخيرا من الاستظهار بقول الراوي لعدم كفاية بقاء الواحد ففيه إشكال من جهة أن القيود المذكورة في الكلام إن كان في كلام الإمام عليه السلام تكون ظاهرة في المدخلية في موضوع الحكم، وأما القيود المذكورة في كلام السائل فليس كذلك، ثم إن مقتضى بعض أخبار المسألة كون السقوط على وجه العزيمة ولا يعارضه الخبر المذكور آنفا أعني موثقة عمار وخبر معاوية بن شريح لأنه أما على الاحتمال المذكور آنفا فظاهر عدم المعارضة، وأما على احتمال التعرض لهذه المسألة فهما معارضان لأخبار المسألة الدالة على أصل السقوط فبعد الأخذ بما دل على أصل السقوط لا وجوه للأخذ بهما وجعلهما شاهدين على كون السقوط على وجه الرخصة،
(٣١٤)