دار فلان فقال: إن بينكم وبين المسجد زقاقا قذرا - أو قلنا له: إن بيننا وبين المسجد زقاقا قذرا -؟ فقال: لا بأس إن الأرض يطهر بعضها بعضا، فقلت: فالسرقين الرطب أطأ عليه؟ فقال: لا يضرك مثله) (1) ثم إن الظاهر اطراد الحكم في كل ما يتعارف المشي به من أسفل القدم والنعل وما جرى مجراهما لاطلاق صحيحة الأحول وترك الاستفصال في صحيحة محمد الحلبي، وقد يؤيد باطلاق العلة المنصوصة وفيه تأمل لا جمال قوله عليه السلام: (إن الأرض يطهر بعضها بعضا) مضافا إلى أن اللازم تسرية الحكم إلى كل شئ تنجس بملاقاة الأرض حتى مثل اليد والثوب ولا يلتزم به، ولا يبعد أن يكون التحديد بخمسة عشر ذراعا جريا على الغالب من ارتفاع أثر النجاسة بالمشي بهذا المقدار، ولا أقل من الاجمال فيؤخذ بمفاد ساير الأخبار، ثم إنه لا فرق بين المشي والمسح بدون المشي، ويدل عليه صحيحة زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل وطئ على عذرة فساخت رجله فيها أينقض ذلك وضوءه وهل يجب عليه غسلها؟ فقال: (لا يغسلها إلا أن يقذرها ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها ويصلي) (2).
(وقيل في الذنوب يلقى على الأرض النجسة بالبول أنها تطهر مع بقاء ذلك الماء على طهارته) والمستند رواية رواها أبو هريرة (3)، فلا تنهض في قبال قاعدة نجاسة الغسالة حجة وقاعدة الحرج لو فرض تحقق الحرج لا توجب الطهارة.
(ويلحق بذلك النظر في الأواني، ويحرم منها استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل [والشرب] وغيره) مستند الحكم أخبار مستفيضة من طرق الخاصة والعامة، فمن الجمهور أنهم رووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) (4) وعن علي عليه السلام أنه قال: (الذي يشرب في آنية الذهب والفضة