تعيينا، كما لا يخفى.
(وفي نجاسة ماء البئر بالملاقاة قولان أظهرهما التنجيس) عند أكثر قدماء الأصحاب، بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه واشتهر بين المتأخرين عدم التنجيس احتج المتأخرون بوجوه عمدتها الأخبار الصحاح، فمنها صحيحة ابن بزيع المتقدمة، ومنها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال:
(سألته عن بئر ماء وقع فيها زبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زبيل من سرقين أيصلح الوضوء منها؟ قال: لا بأس) (1) ومنها صحيحة معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول: (لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة مما وقع في البئر إلا أن ينتن، فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر) (2) إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في عدم تنجس ماء البئر.
حجة القائلين بالنجاسة الأخبار المستفيضة، منها صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: (كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا عليه السلام في البئر تكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شئ من العذرة كالبعرة ونحوها، ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة؟ فوقع عليه السلام بخطه في كتابي: (ينزح منها دلاء) (3) وأورد على الاستدلال بها أن إطلاق الدلاء في الجواب قرينة على الاستحباب، إذ لو حملت الجملة الخبرية على الوجوب لوجب إما الالتزام بكفاية مطلق الدلاء لكل واحد من الأشياء المذكورة في الخبر وهو مخالف للاجماع والأخبار الواردة وإما الالتزام باهمال الرواية من هذه الجهة وهو خلاف الظاهر، وفي هذا الايراد نظر، لأنه مع فرض عدم التنجس و استحباب النزح أيضا يرد ما ذكر، كما لا يخفى. فنقول: يمكن على القولين الالتزام بمطلق الدلاء، وحيث إنه من جموع الكثرة وأقل مراتبه العشرة يكتفي