الأخبار التي جعلت الإقامة موجبة لاقتداء الملك مع قطع النظر عن الإقامة تامة من حيث الشرائط والأجزاء وتلك الصلاة المفروضة لو أتى بها مع الإقامة فلها هذه المزية ويتوجه على هذا التقريب أنه مع التسليم لا ينفي الوجوب النفسي وهو أحد المحتملين، وثانيا المسلم أن الصلاة التي تكون فيها اقتداء الملك هي الصلاة الصحيحة لكنه لم يحرز الصحة مع قطع النظر عن الإقامة فإن كان النظر إلى إطلاق لفظ صلى مع كون الصلاة موضوعة للمعنى الصحيح ففيه أن المراد معلوم والشك في أنه استعمل اللفظ فيه على نحو الحقيقة أو المجاز نظير (لا تعاد الصلاة إلا من خمس) حيث أريد من لفظ الصلاة معنى يجتمع مع البطلان وإلا لما صح الاستثناء والمشهور أنه لا يستكشف بأصالة الحقيقة كون الاستعمال على نحو الحقيقة بل الاستعمال أعم من الحقيقة.
(وقاضي الفرائض الخمس يؤذن لأول وروده ثم يقيم لكل واحدة ولو جمع بين الأذان والإقامة لكل فريضة كان أفضل، ويجمع يوم الجمعة بين الظهرين بأذان واحد وإقامتين) أما وجه الاقتصار في قضاء الفرائض الخمس فظهور الأخبار منها قول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة أو حسنته (إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدء بأولهن فأذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة) (1) وصحيحة محمد بن مسلم قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى الصلوات وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة ثم ذكر بعد ذلك قال:
يتطهر ويؤذن ويقيم في أولهن ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير أذان حتى يقضي صلاته) (2).
وأما وجه أفضلية الجمع بين الأذان والإقامة لكل صلاة فاطلاقات ما دل على شرعية الأذان للفرائض من مثل قوله عليه السلام في موثقة عمار الواردة في ناسي الأذان والإقامة (لا صلاة إذا بأذان وإقامة) (3) واستدل أيضا بقوله عليه السلام: (من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته) (4) وقد كان من حكم الفائتة استحباب تقديم الأذان والإقامة