وأما ما أفيد من مغيرة الجمع مع السقوط فهو حق لكن الظاهر أن نظر القائلين بالسقوط ليس إلا إلى عدم الاحتياج إلى أذان آخر كما في سائر الموارد ولا ينافي هذا مع عدم السقوط بمعنى كفاية أذان واحد للصلاتين، وأما كون السقوط على وجه الرخصة أو العزيمة فلا يبعد أن يقال فيه بالأول أخذا بالاطلاقات إلا أن يقال: على فرض صحة ما يدعى من مواظبة المعصومين صلوات الله عليهم على ترك أذان العصر يوم الجمعة مع استقرار السيرة على جمعها مع الجمعة أو الظهر يكشف عن مرجوحيته في يوم الجمعة ولا يخفى أن مجرد هذا لا يوجب عدم المشروعية بعد تصوير الكراهة في العبادات حتى مع عدم البدل كصوم العاشوراء فتأمل جيدا، وقد ظهر مما ذكر عدم الاختصاص بيوم الجمعة وعدم شمول الحكم لصورة التفريق.
(ولو صلى في مسجد جماعة ثم جاء آخرون لم يؤذنوا ولم يقيموا ما دامت الصفوف باقية ولو انفضت أذن الآخرون وأقاموا ولو أذن وأقام بنية الانفراد ثم أراد الاجتماع استحب له الاستيناف) والدليل على الحكم الأول أخبار منها خبر أبي على قال: (كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه رجل فقال: جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعص في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمنعناه ودفعناه عن ذلك فقال أبو عبد الله عليه السلام: أحسنت ادفعه عن ذلك وامنعه أشد المنع، فقلت: فإن دخلوا فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة قال عليه السلام: يقومون في ناحية المسجد ولا يبدر [يبدو - خ ل] لهم إمام - الحديث -) (1) وخبر أبي بصير قال: (سألته عن الرجل ينتهي إلى الإمام حين يسلم فقال عليه السلام: ليس عليه أن يعيد الأذان فليدخل معهم في أذانهم فإن وجدهم قد تفرقوا أعاد الأذان) (2) وخبره الآخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: (الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم ويؤذن ويقيم قال عليه السلام:
إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى بأذانهم وإقامتهم، وإن كان تفرق الصف أذن وأقام) (3) وفي قبال هذه الأخبار موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أنه سئل عن الرجل أدرك الإمام حين سلم قال عليه السلام: (عليه أن يؤذن ويقيم ويفتتح الصلاة) (4)