وأما الحكم الثاني فاستدل عليه بموثقة عمار في حديث عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(وسئل عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجيئ رجل آخر فيقول له: نصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة؟ قال: لا ولكن يؤذن ويقيم) (1) وقد نوقش في الدلالة بامكان أن يكون الملحوظ في المنع عن أن يصليا بذلك الأذان هو ذلك الآخر فيكون المأمور بالأذان والإقامة ذلك لا الذي أذن وأقام وهذا غير المدعى ودفع هذه المناقشة بأن المتبادر منه أنه يؤذن ويقيم لأن يصليا جماعة وفيه نظر لأن هذا في كلام السائل لا في كلام الإمام عليه السلام ويؤيد الاحتمال المذكور في المناقشة تعبير الإمام عليه السلام في الجواب بقوله (ولكن يؤذن ويقيم) الظاهر رجوع الضمير فيه إلى الرجل الآخر وإلا لكان الأنسب أن يقول ولكن يؤذن ويقيم أحدهما.
وأما كيفيته فلا يؤذن لفريضة إلا بعد دخول وقتها ويتقدم في الصبح رخصة لكن يعيده بعد دخوله) أما عدم الجواز في غير أذان الصبح فادعى عليه اجماع المسلمين وعلل بعدم تنجز التكليف به إلا بعد حصول سببه فقبله تشريع محرم وفي التعليل اشكال لامكان أن يكون الأذان بوجوده الأعم من المقدمات للصلاة والمقدمات الوجودية يكفي في تنجز التكليف بها العلم بوجود المسبب ولو بعد حين إلا أن يدل دليل بالخصوص على خلاف ذلك فالعمدة الاجماع وأما الترخيص في تقديمه على الصبح فهو المشهور واستدل عليه بما عن الكافي والتهذيب في الصحيح عن عمران بن علي قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأذان قبل الفجر فقال: إذا كان في جماعة فلا وإذا كان وحده فلا بأس) (2) وعن الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: (إن لنا مؤذنا يؤذن بليل فقال: أما إن ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة وأما السنة فإنه ينادي مع طلوع الفجر ولا يكون بين الأذان والإقامة إلا الركعتان) (3) ثم إن الظاهر من الصحيح الأول كفاية الأذان المذكور للصلاة ولا ينافيه الأمر بالإعادة بعد الوقت في بعض الأخبار نظير مشروعية نافلة الفجر قبل