والله عن رأيي. قال:
صدقت، والله ما اتهمتك يا أبا الحسن» (1) فخذت دليل على أن عمر أيضا كان يعرف أن الحسين ذو شخصية ممتازة وله إرادة مستقلة وليس كلامه هذا صادرا عن تلقين من أبيه بل هو نتاج فكره.
هذا وان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كان يسأل أولاده بحضور من الناس بعض المسائل العلمية، وربما كان يحيل الجواب على أسئلة الناس إليهم. ومن النتائج المهمة لهذا العمل، احترام الأولاد وإحياء الشخصية فيهم.
وفي يوم من الأيام سأل الإمام عليه السلام من الحسن والحسين بعض الأسئلة، فأجاب كل منهما أجوبة حكمية بعبارات قصيرة... «ثم التفت إلى الحارث الأعور فقال: يا حارث علموا هذه الحكم أولادكم فإنها زيادة في العقل والحزم والرأي» (2)... إن الأب الذي يسلك مع أولاده هذا السلوك الممتاز ويجعل الكلمات الصادرة منهم قدوة لبقية أولاد المجتمع يكون قد احترمهم بأحسن صورة وأحيي فيهم الشخصية الفذة الكاملة.
هناك نموذج فذ للشخصية الرصينة نجده في الحوار التالي بين الإمام محمد الجواد عليه السلام والمأمون العباسي. ذلك أن المأمون قصد بغداد بعد وفاة الإمام الرضا عليه السلام، وخرج يوما للصيد فمر في أثناء الطريق برهط من الأطفال يلعبون، ومحمد بن علي واقف معهم وكان عمره يومئذ إحدى عشرة سنة فما حولها... فلما رآه الأطفال فروا، بينما وقف الجواد عليه السلام في مكانه ولم يفر. هذا الأمر اثار تعجب المأمون فسأله :
- لماذا لم تلحق بالأطفال حين هربوا.
فقال له: يا أمير المؤمنين، لم يكن بالطريق ضيق لأوسعه عليك بذهابي، ولم يكن لي جريمة فأخشاها، وظني بك حسن، أنك لا تضر من لا ذنب له فوقفت.