عندما بعث النبي (ص) كان علي (ع) صبيا لا يتجاوز العاشرة ولكنه كان يملك شخصية انسان كامل. لقد عرض الرسول الأعظم (ص) الإسلام عليه ودعاه إلى اعتناق هذا الدين السماوي فأكد على كفاءته وعظمة شخصيته بهذا العمل المهم. وما كان من علي عليه السلام إلا أن يستجيب لدعوة النبي عن بصيرة وإيمان ووعي.
إن الصعوبات والمشاكل التي نوجه الرجال في حياتهم غالبا ما تحطم شخصيتهم، فيخسرون المعركة ويصابون بعقدة الحقارة... في حين أن العواصف الشديدة التي هددت كيان الإسلام في الفترة التي سبقت الهجرة وبعثت الذعر. والقلق في نفوس المسلمين لم تستطع أن تزحزح من عزم الإمام علي بن أبي طالب ذلك القائد العظيم، ولم تقدر على أن تؤثر فيه قيد شعرة.
هذا الثبات، وهذه الاستقامة - بغض النظر عن الاستعداد الفطري للإمام عليه السلام - يرجع إلى التربية الفذة التي لقيها من مربيه العظيم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، الذي قوى من شخصيته ومنحه الكثير من علمه وحكمته وسيرته.
وكذلك الحسن والحسين عليهما السلام فإنهما تلقيا تربية ناجحة، ونالا جميع الكمالات في الصغر على يد جدهما العظيم وأبويهما القديرين. حتى لقد قال المأمون العباسي عنهما أمام ملأ من رجاله: «وبايع الحسن والحسين عليهما السلام، وهما ابنا دون الست سنين، ولم يبايع صبيا غيرهما» (1) فمبايعة النبي (ص) للحسنين عليهما السلام وهما لم يبلغا الست سنين دليل على أنهما حازا على مواهب عالية وتربية فذة، فاستطاعا بذلك أن ينالا هذه المرتبة العظيمة.
ومن خلال الحديث التالي نتبين عظمة شخصية أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله:
«زيد بن علي، عن أبيه: ان الحسين بن علي عليهما السلام أتى عمر ثم قال: صدقت يا بني، منبر أبيك لا منبر أبي. وقام علي (ع) وقال: ما هو