والحياء وعزة النفس... وما شابه ذلك.
أما الميول المشتركة بين الإنسان وسائر الحيوانات، فهي وإن كانت ضرورية لإدامة الحياة، وذات أهمية خاصة، ولكنها لا تكون ملاكا للشرف ومقياسا للفضيلة الإنسانية مطلقا. إنها لا يمكن أن تكون أساسا لتقدم الإنسان وتكامله. ذلك أن الميول التي تشكل الأساس للتكامل البشري هي الميول التي تضع الحد الفاضل بين الإنسان والبهائم، وفي ظلها يستطيع الفرد بلوغ قمة الإنسانية والكمال. وكلما كانت هذه الميول المعنوية التي هي أساس الفضائل قوية في أمة من الأمم كانت قيمة تلك الأمة في الحياة الاجتماعية أكثر، وكانت إلى السعادة الحقيقية أقرب.
إن قسما من الميول الخاصة بالإنسان يملك جذورا فطرية في نفس الفرد. وعلى المربي القدير إحياء تلك الميول بالتنمية الصحيحة، وإخراجها إلى حيز الفعلية، وذلك كالوفاء بالعهد وأداء الأمانة.
ولكن القسم الآخر من تلك الميول لا يملك جذورا فطرية في نفس الفرد... عندئذ يجب على المربي القدير استغلال جميع الوسائل العلمية والعملية في التربية لترسيخ أسس هذه الميول في نفوس الأطفال الذين عهدت اليه تربيتهم... ومثال هذه الميول: العفة والحياء.
إن الميول الإنسانية العليا هي مكارم الأخلاق التي بعث نبي الإسلام العظيم لإتمامها والتي شكلت جانبا مهما من برنامج دعوته، وقد وردت في ذلك مئات الآيات والأحاديث.
يظهر أثر الميول الإنسانية في حفظ الشرف والرفعة للفرد، والرقابة على الميول الحيوانية. فعندما تحاول الميول الحيوانية الخروج من حدود المصلحة وتلويث شرف الإنسان، تعمل الميول الإنسانية على التلطيف من حدتها، والتخفيف من ضراوتها، وبالتالي منعها عن الانحراف.
وفي هذا يقول القرآن الكريم: (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا