التي كانت تميزهم، بل لم يستطيعوا الاستمرار في الحياة كأفراد اعتياديين فهؤلاء يكابدون الضغط الروحي دائما ويقضون حياتهم في حرمان وشعور بالحقارة والدناءة.
وكمثل على ذلك نذكر ما جرى لابن النديم بهذا الصدد. فقد كان إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن النديم من العلماء الذين قل نظراؤهم في عصره، وكان قد اجهد نفسه في علوم كثيرة كالكلام والفقه والنحو والتاريخ واللغة والشعر، وبرع في جميع ذلك براعة تامة. وكان عملاقا عظيما في المناظرات العلمية، وكثيرا ما كان يتغلب على فضلاء عصره. وله في مختلف العلوم ما يقرب من أربعين مجلدا، وآثاره المهمة باقية حتى اليوم.
كان ابن النديم ذا صوت جميل، ورغبة شديدة في الغناء. وكثيرا ما كان يشترك في مجالس طرب الخلفاء ورجال الدولة، ويؤنس الحاضرين بغنائه المطرب، ويجذب قلوبهم نحوه... ولاستمراره في هذا العمل ضؤلت قيمة ثقافته العلمية شيئا فشيئا بالنسبة إلى غنائه حتى عرف في المجتمع بهذه الصفة ولقبه الناس ب (المغني) و (المطرب).
لقد أوردت هذه الشهرة ضربة قاصمة على شخصيته، ولم يتمكن فيما بعد أن يعد نفسه في المجمع كرجل عالم مطلع، وأن يظهر كفاءته العلمية... وبالرغم من قربه لدى الخلفاء والشخصيات فإنهم لم يعهدوا اليه بمهمة أو عمل خطير في الدولة، وذلك حذرا من اضطراب الرأي العام،.
وبهذا الصدد كان المأمون العباسي يقول: لو لم يكن يشتهر ابن النديم بالطرب والغناء لوليته القضاء، لأنه يفوق جميع قضاة الدولة الموجودين من حيث الفضل والعلم، وأكثرهم استحقاقا لهذا المنصب (1).
نستنتج مما تقدم أن الاسم المستهجن، أو اسم العائلة القبيح أو اللقب الشنيع، أو الشهرة السيئة تسبب الشعور بالحقارة، وتأزم عقدة