حياته تكشف لنا عن جانب عظيم من التقوى والفضيلة، والعدالة والشجاعة والتضحية والجود، والثابت والاستقامة، وبصورة موجزة جميع الفضائل والسجايا الحميدة. لقد سلك علي عليه السلام جميع مدارج الكمال ونال الشرف العظيم في هذا المجال.
لقد تربى علي عليه السلام في حجر الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله. وخضع منذ الصغر للرقابة التربوية الدقيقة المليئة بالدفء والحنان والعطف من قبل النبي العظيم. وقد منحه جميع ما يحتاجه طفل لائق في تربيته وتنمية روحه وجسمه... فنشأ عليه السلام عظيما من كل جانب.
كان عمر علي عليه السلام عشر سنوات عندما بعث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالدعوة الإسلامية. فعرض الرسول الإسلام على الصبي الفطن العاقل ودعاه لاعتناق ذلك الدين السماوي. فآمن علي عليه السلام وصار هو وخديجة زوجة النبي (ص) أول مسلمين اتبعا محمدا واعتنقا دينه وقبلا دعوته... وتكونت نواة الدعوة الإسلامية من هذا الثالوث المقدس.
في المراحل الأولى من الدعوة لم يكن ليطرق الأسماع نبأ الدين الجديد فكان الجميع يجهلون عن دين الله الذي أتى به محمد (ص) كل شيء.. إلا أنهم كانوا يرون شابا يقف للصلاة بين يدي الله، ويقف إلى يمينه صبي، ومن خلفهما امرأة فإذا ركع الشاب ركعا معه، وإذا سجد سجدا وفي بعض المرات رأى أحد كبار العرب هذا المنظر وتعجب منه فقال للعباس بن عبد المطلب الذي كان حاضرا هناك: أمر عظيم!
فقال العباس: أمر عظيم! أتدري من هذا الشاب هذا محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب - ابن أخي - أتدري من هذا الغلام؟ هذا علي بن أبي طالب - ابن أخي - أتدري من هذا المرأة هذا خديجة بنت خويلد. إن ابن أخي هذا حدثني أن ربه رب السماوات والأرض، أمره بهذا الدين الذي هو عليه. ولا والله ما على ظهر الأرض على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة (1).