الذي قام سلف " الحشوية الحنبلية " بمعارك طاحنة لأجل إثباته، في كل من بغداد ودمشق والقاهرة. حيث أبوا إلا أن يجلسوا النبي (ص) مع ربه على العرش سبحانه وتعالى عما يصفون.
ومقاتل بن سليمان هذا وغيره من أصحاب الحديث، غلوا كثيرا في التجسيم والتشبيه، فالله سبحانه وتعالى عما يصفون " جسم على صورة لحم ودم له شعر وعظم وجوارح وأعضاء من يد ورجل ولسان وعينين ووجه وأضراس ولهوات. وقال بعضهم ما سمعنا بذكر الرأس!! وقال آخر لا تسألوني عن الفرج واللحية. وغير ذلك من الهرطقات التي سيحاول ابن تيمية - إمام السلفية المعاصرة - الدفاع عن بعضها، في محاولة لعقلنة هذا الحشو العقائدي الفظيع.
لقد أصبح التجسيم والتشبيه بعد هذا المحدث والمفسر الكبير مدرسة متكاملة اعتنق أفكارها بعض ممن جاء بعده من المحدثين والفقهاء، أمثال أبي عاصم حشيش بن صرم (المتوفى سنة 254 ه)، صاحب كتاب " الإستقامة " الذي دعم فيه القول بالتجسيم والتشبيه مستندا للكم الهائل من الإسرائيليات، سواء ما وجد في تفسير مقاتل بن سليمان أو ما يتداوله الرواة من أحاديث في هذا المجال، وعلى رأسها حديث المقام المحمود الذي أنكره المعتزلة وأهل السنة والجماعة من أشاعرة وماتريدية وقالوا إن المقصود بن الشفاعة.
أما الملطي صاحب كتاب " التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع " فإنه لم ينحرف قيد أنملة عمن سبقه في التجسيم والتشبيه.
لقد اندمج العوام مع هذه العقائد اندماجا كليا، لأن التجسيم والتشبيه أقرب لأفهامهم ومخيلاتهم من التنزيه. فالتفوا حول دعاة هذه العقائد وآزروهم وعظموا شأنهم، كما سيعتبرهم السلفيون سلفهم الخاص فيما بعد.
وإلى هؤلاء " الحشوية الأوائل " سيرجع الفضل في قيام تيار وحركة حشوية تجسيمية وتشبيهية كبرى في القرن الرابع مع أحد كبار المحدثين الحنابلة وهو