بحر محمد بن الحسن ابن الكوثر بن علي البربهاري - وهو شيخ الحنابلة ببغداد - والذي قدم عليه أبو الحسن الأشعري فكلمه حول انتقاله من الاعتزال ورده على المعتزلة والفرق المنحرفة، فقال له البربهاري لا أفهم مما قلت شيئا. يقول المقدسي: أما البربهارية فإنهم يجهرون بالتشبيه والمكان ويرون الحكم بالخاطر ويكفرون من خالفهم ويتمسكون بحديث المقام المحمود (54).
لقد تطورت فكرة التشبيه والتجسيم لدى أصحاب الحديث كما يرى الدكتور النشار. لتصل إلى الكشف عن إحدى الأفكار الهدامة التي راجت في الساحة الفكرية والدينية الإسلامية. وهي فكرة الحلول ولاتحاد حيث جوزوا ظهور الله سبحانه وتعالى في صور الأشخاص. وخصوصا الصور الحسنة منها، كما ذهب إلى ذلك سلمان الدمشقي. ولما جاء الحلاج المقتول بسيف الشرع (55) (سنة 309 ه) وتكلم في الحلول، اختلف الفقهاء والصوفية فيه " ولكن أجمع المتكلمون جميعا على تكفيره. اللهم إلا طائفة كبرى حشوية ومشبهة من الحنابلة، ثم فريق من السالمية فقد قبلوه.
يقول البغدادي " وقبله قوم من متكلمي السالمية بالبصرة ونسبوه إلى حقائق معاني الصوفية ولعل هذا يفسر تعصب السالمية له من ناحية والحنابلة من ناحية أخرى في بغداد وقيامهم بالشغب (56). ومع ظهور فرقة السالمية - نسبة إلى أبي عبد الله محمد بن سالم البصري المتوفى (سنة 297 ه) - عرفت هذه الفكرة - أي الاتحاد والحلول - انتشارا واسعا، ولا شك أنها وليدة التجسيم والتشبيه كما أسلفنا.
وإلى جانب " السالمية " ظهرت فرقة أخرى تسمى " الكرامية " نسبة لمؤسسها