مرتبطة " بما يذهب إليه رأي هؤلاء القوم، من القول بأن الله تعالى ذو مكان أي أنه سيصبح في حشو العالم أي داخله " (48).
إن حشو الأحاديث والروايات التي لا أصل لها في أحاديث الرسول (ص).
كان أغلبه من الإسرائيليات، خصوصا لما توجه المسلمون لتفسير الآيات المتشابهة. وقد اعتمد على هذه الأحاديث بالذات واعتقد بصحتها وقدمها على غيرها مجموعة من رجالات الحديث الأوائل مثل: مضر بن محمد بن خالد بن الوليد وأبو محمد الضبي الأسدي الكوفي، وكهمس بن الحسن أبو عبد الله البصري (توفي عام 149 ه) وأحمد بن عطاء الهجمي البصري ورقبة بن مصقلة. وقد مثل هؤلاء الحشو الهائل في أحاديثهم الضعيفة، فأجازوا على الله الملامسة والمصافحة والمزاورة، وأن المخلصين من المسلمين يعاينونه في الدنيا والآخرة إذا بلغوا من الرياضة والاجتهاد إلى حد الإخلاص " (49).
لقد فسر هؤلاء المحدثون الأوائل وغيرهم آيات " الوجه والرؤية واليد والمجئ والجنب " تفسيرا ظاهريا ماديا. ودعموا ذلك بما رووه من إسرائيليات وعقائد أهل الكتاب. فسقطوا في التجسيم والتشبيه. وهؤلاء هم الذين أطلق عليهم المعتزلة لقب الحشوية من أهل الحديث وقاموا بالرد عليهم.
أما بقية عقائد هذه الطائفة الأولى من الحشوية: فهو قولهم بقدم القرآن، حروفه أصواته ورقومه المكتوبة، وإنها كلها قديمة أزلية. ويستدلون على هذا، بأنه لا يعقل كلام ليس بحرف ولا كلمة ولا كتابة له. وما دام الكلام قديما أزليا فلا بد أن حروفه وكلماته وكتابته أزلية. وقد استندوا فيما يرى الشهرستاني على ما رأوه من إجماع المسلمين على قدم القرآن (50).