قدوة وسلفا لنا، إن لم نأخذ بأقوالهم وأفعالهم كما نأخذ أقوال وأفعال غيرهم عند الاقتداء والتقليد؟.
إن مفهوم " السلف " كما قلناه، مفهوم انتقائي جدا وقد حاول الدكتور السلفي أن يشير إلى ذلك في آخر التعريف الذي نقله عن سلفي آخر وهو أحمد بن حجر آل بوطامي. حيث استثنى من مذهب السلف " دون ما رمي ببدعة أو شهر بلقب غير مرضي مثل الخوارج والروافض والمرجئة والجهمية والمعتزلة، وسائر الفرق الضالة "، وهذا التحديد بدوره عام ومبهم وغير مفصل.
وعند التحليل سينقض عروة عروة. أولا لأن القرون الثلاث الموسومة بالخيرية تشمل كل هذه الفرق التي ذكرها وأخرجها من مذهب السلف.
فإذا كان يقصد بالروافض من رفض خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، فعدد من الصحابة والتابعين ومن تبعهم رفض هذه الخلافة، منهم علي بن أبي طالب والحسن والحسين وسلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر الغفاري، وغيرهم كثير يتجاوز المائة صحابي، ومئات التابعين منهم: زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق أستاذ الأئمة وشيخ السلف بالإجماع. وهؤلاء وغيرهم من كبار التابعين والسلف باتفاق جل المؤرخين المسلمين.
أما المرجئة فقد عرف لفيف من الصحابة والتابعين بالإرجاء ويكفي ما ذكرناه سابقا من أن أبو حنيفة عرف بالإرجاء هو وتلامذته. وقد انتشر الإرجاء في العهد الأموي الأول، حتى قيل ليس هناك كور في الإسلام إلا وغلب عليه الإرجاء. أما الجبر فقد فشا في أهل الحديث. واعتبر العقيدة الرسمية للدولة الأموية. ولا نظن أن سلفيا قديما أو معاصرا، يشك في سلفية معاوية ابن أبي سفيان والبيت الأموي الحاكم من بعده. وللسلفيين اعتقادات خاصة في معاوية وابنه يزيد وقد ألفوا الكتب في فضائلهما وتنزيههما وجاؤوا بالغرائب في ذلك، كما يقول ابن كثير المؤرخ.
أما قوله " الجهمية والمعتزلة " فالآراء التي أخرج بها الدكتور السلفي هاتين