لا علاقة لها بالمفهوم الحقيقي للاقتداء السلفي. وإنما لها علاقة وارتباط بالصراعات السياسية والمذهبية، وأثر ذلك على نشوء الفرق والحركات.
وإذا كان السلف هم المسلمون الذين عاشوا في القرون الثلاثة الأولى، وإننا ملزمون باقتفاء أثرهم واتباع سبلهم وطرائق حياتهم الفكرية والعملية، فإن ذلك لن ينجم عنه إلا الإيمان بكل الفرق والمذاهب والحركات التي ذكرها الشهرستاني في ملله ونحله. والتي حاول جهده أن يوصلها إلى ثلاثة وسبعين فرقة، ليخرج منها فرقة " أهل السنة والجماعة ". باعتبارهم الفرقة الناجية التي ذكرها الحديث (16)، والباقون في النار؟!.
وهذا المفهوم لن يستقيم لما يذهب إليه من اعتبروا أن السلف تيار أو فرقة مخصوصة من ضمن الفرق الإسلامية، وأنهم المقصودون بالفرقة الناجية؟!.
وعليه فادعاء كون " السلفية " فرقة متميزة، يعني تحديد مفهوم السلف في أشخاص معينين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم إلى يومنا هذا. لقد ظهرت جل الفرق والحركات والمذاهب التي عرفها المجتمع الإسلامي، خلال القرون الثلاثة الأولى. وكان فيما بينها من اختلافات الأصولية والفروعية ما أباح تجريد السيف وسفك الدماء وإباحتها، وكفرت كل فرقة من ناوءها أو خالفها الرأي والمعتقد.
لقد افترق المجتمع الإسلامي الأول مباشرة بعد وفاة الرسول (ص) إلى فرقتين، فمن الصحابة من آمن بولاية علي بن أبي طالب ابن عم الرسول وزوج ابنته فاطمة، لا على أساس القرابة وفضل الجهاد. وإنما على أساس النص والتعيين النبوي (17)، بالإضافة إلى ادعائه عليه السلام نفسه بكونه الولي الشرعي المنصوص عليه من طرف الله ورسوله.