سلفية تنويرية تدعو المجتمع الإسلامي للأخذ بقيم الرسالة الإسلامية في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والمدنية، كشرط للنهوض العام والشامل، ومواجهة الاستعمار، ومعالجة التراث الفكري والديني الإسلامي معالجة علمية.
والاستفادة من أحسن وأفضل ما أنتجه العقل الإسلامي في الماضي، والانفتاح ومعرفة مقومات الحضارة الغربية المعاصرة. للاستفادة من إيجابياتها، خصوصا على مستوى العلوم الحديثة ومبتكرات التقنية. ومحاولة إعادة الحياة للعقل الإسلامي وتفعيله ليستعيد نشاطه وقدرته على الإبداع، الذي فقدهما في غمرة قرون من الركود والتخلف الحضاري العام.
ولا شك أن الدعوة لهذه القيم الفكرية والحضارية وغيرها، والتي عرفت بها السلفية التنويرية هي على النقيض تماما لما تدعو له سلفية هؤلاء " الحشوية الحنابلة " المتسمين بالوهابية.
فقضايا المجتمع الإسلامي الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ستختزل كلها في نظر هؤلاء الحشوية، وترتبط بقضية هدم قبور الأنبياء والأولياء ومسألة التوسل بهم. ومحاربة بدعة زيارة قبر الرسول (ص) والدعوة إلى عقائد التجسيم والجبر، وإطاعة السلطان الظالم والجائر. كما سيتبين لنا خلال الفصول القادمة. لذلك قال محمد عبده زعيم السلفية التنويرية: "....
اللهم إلا فئة زعمت أنها نفضت غبار التقليد وأزالت الحجب التي كانت تحول بينها وبين النظر في آيات القرآن ومتون الأحاديث لتفهم أحكام الله منها، ولكن هذه الفئة أضيق عطنا وأحرج صدرا من المقلدين، وإن أنكرت كثيرا من البدع، ونحت عن الدين كثيرا مما أضيف إليه وليس منه. فإنها ترى وجوب الأخذ بما يفهم من اللفظ الوارد والتقيد به، بدون التفات إلى ما تقتضيه الأصول التي قام عليها الدين، وإليها كانت الدعوة، ولأجلها منحت النبوة، فلم يكونوا للعلم أولياء ولا للمدنية أحباء (37).