معروف الكرخي وغيرهم. ويكفيك دلالة على ذلك، الخرقة التي هي شعارهم إلى اليوم. وكونهم يسندونها بإسناد متصل إليه عليه السلام (20).
أما قوله أي الدكتور السلفي " الأئمة الأربعة والسفيانيين والليث بن سعد وابن المبارك والنخعي والبخاري ومسلم وسائر أصحاب السنن ".. فالمحقق والمطلع المقتصد على آثار هؤلاء وسيرهم في كتب التاريخ يجد بينهم من الاختلاف أكثر من عدد اللغات في القارة الهندية اليوم، وكل يدعي وصلا بليلي؟!.
وقد كان يهون الاختلاف لو لم يكفر بعضهم بعضا ويعتبر ذلك دينا له وأصلا من أصوله. فالإمام أبو حنيفة في نظر الإمام أحمد بن حنبل مرجئي، والمرجئي ضال منحرف. وقد كفرته باقي الفرق، وهو يقول بخلق القرآن، وعليه فقد لزمه الكفر لأن كل من قال بخلق القرآن فهو جهمي وكل جهمي في نظر الحنابلة وإمامهم كافر. وهذه مسألة متعلقة بالعقائد وأصول الدين و ليست من الفروع حتى يقال لا يضر الاختلاف فيها. وكان أبو حنيفة على بيعة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.. ومن جملة شيعته، حتى رفع الأمر إلى المنصور فحبسه حبس الأبد حتى مات في السجن (21).
ومحمد بن عبد الله هذا كان أحد رجالات الشيعة الأوائل. ومناصرة أبي حنيفة له تعني خروجه على طاعة إمام زمانه، وإمام السلفية أحمد بن حنبل يؤمن بخلافة بني العباس ولا يجوز الخروج عليهم ولا على غيرهم، وهو موقف أصحاب الحديث بشكل عام. وهذا العمل لا شك أنه أخرج أبو حنيفة من مفهوم السلف المتشبثين بالجماعة الخاضعين لطاعة السلاطين وإن فجروا وظلموا.