بنصرة القول بخلافة الإمام علي وصحتها. بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال: من لم يربع بعلي بن أبي طالب في الخلافة فلا تكلموه ولا تناكحوه (24).
وإذا كان أحمد قدر اشتهر أمره بعد ذلك وعلت مكانته، حتى أن من أنكر عليه أحمد نبذه الناس، ومن مدحه أقبل عليه الناس وعظموه، فإن قوله بالتربيع واعتقاده به جعل بقية المحدثين يهابون معارضته في ذلك. فقل القول بخلاف ذلك، وتراجع مع الزمن حتى ساد القول بالتربيع لدى أغلب المحدثين بعد ذلك، وإلى يومنا هذا.
وإذا كان المأمون قد أعاد الاعتبار للعلويين وقربهم ورفع بعض الظلم عنهم فإن المتوكل، قد عرف ببغضه لأهل البيت ومطاردته لمحبيهم، وقتل زعمائهم.
وكان لا تأخذه في ذلك رحمة، ولا يمنعه خوف من الله. ومن يتهم بميله للعلويين فإن مصيره القتل أو السجن المؤبد. حتى ظهر النصب في عصره وانتشر بغض أهل البيت في أيامه، وتقرب الكثير بذم أهل البيت ومحبيهم، طلبا لرفده وطمعا في صلته (25).
وقد سعي بأبي الحسن علي بن محمد - الإمام العاشر (ع) - إلى المتوكل، وقيل له: إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته، فوجه إليه ليلا من الأتراك وغيرهم من هجم عليه في منزله على غفلة ممن في داره، فوجده في بيت وحده مغلق عليه وعليه مدرعة من شعر، ولا بساط في البيت إلا الرمل والحصى وعلى رأسه ملحفة من الصوف متوجها إلى ربه يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد، فأخذ على ما وجد عليه، وحمل إلى المتوكل في جوف الليل، فمثل بين يديه والمتوكل يشرب وفي يده كأس، فلما رآه أعظمه وأجلسه إلى جنبه، ولم يكن في منزله شئ مما قيل فيه. ولا حالة يتعلل عليه