الخلافة - في ولدي حتى يغلب على عزهم الحمر الوجوه، الذين كأن وجوههم المجان المطرقة "... وكان مما فعله المعتصم متمما لاعتماده على الأتراك أن كتب إلى واليه على مصر كيدر، واسمه نصر بن عبد الله، يأمره بإسقاط من في الديوان من العرب، وقطع أعطياتهم (20).
وهذا الصراع القومي العنصري الذي عرفته الساحة الإسلامية في عصر أحمد سيكون له تأثيره الكبير على القضايا العلمية. كما أن شعور العرب بشكل عام بتراجع دورهم السياسي والاجتماعي والعسكري سيدفع البعض للقيام بحركة مناهضة، خصوصا على مستوى الفكر. حيث نشرت أحاديث متعددة في مدح العرب ونسبت إلى الرسول (ص) منها، قوله (ص): " أحب العرب لثلاث، لأني عربي، والقرآن عربي، ولسان الجنة عربي ". وغيرها من الأحاديث التي تمجد العرب وترفع من شأنهم. وقد اعتبرت عروبة أحمد بن حنبل فيما بعد منقبة نشرها أصحابه واعتزوا بها، بل جعلها بعضهم إحدى المرجحات الأساسية لاتباع مذهبه.
ومن الأحداث المهمة الأخرى التي عايشها أحمد بن حنبل، بل وارتبط اسمه بها هذه المرة أكثر من غيرها. قضية أو فتنة " خلق القرآن " التي استطاع المعتزلة أن يقنعوا بها المأمون، فتبناها وحاول فرضها على الفقهاء والعلماء، خصوصا من كان منهم ضمن السلك القضائي أو في مدارس الدولة أو تحت إشرافها. ومسألة القول بخلق القرآن ليست وليدة عصر المأمون، فقد أعلنها أول مرة كما تقول كتب علم الكلام، الجعد بن درهم وقتل بسببها على يد خالد بن عبد الله القسري والي العراق في عهد الأمويين. وبقيت هذه الفكرة بعد مبتدعها في طي الكتمان حتى ازدهر الفكر الاعتزالي ونشطت حركته في العهد العباسي.