يقول فيه:
" أما بعد فإن أمير المؤمنين بمكانته من دين الله وخلافة رسول الله، والقرابة به أولى من استن ونفذ أمره وسلم لمن منحه منحة وتصدق عليه بصدقة، منحته وصدقته بالله توفيق أمير المؤمنين وعصمته وإليه في العمل بما يقربه إليه رغبته، وكان رسول الله (ص) أعطى فاطمة بنت رسول الله فدكا وتصدق بها عليها، وكان ذلك أمرا ظاهرا معروفا لا اختلاف فيه بين آل رسول الله (ص) ولم تدعي منه ما هو أولى به من صدق عليه، فرأي أمير المؤمنين أن يردها إلى ورثتها، ويسلمها إليهم تقربا إلى الله بإقامة حقه وعدله، وإلى رسول الله بتنفيذ أمره وصدقته، فأمر بإثبات ذلك في دواوينه والكتاب به إلى عماله، فلئن كان ينادي في كل موسم بعد أن قبض الله نبيه أن يذكر كل من كانت له صدقة أو هبة أو عدة فيقبل قوله وتنفذ عدته. إن فاطمة لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول الله لها، وفد كتب أمير المؤمنين (أي المأمون) إلى المبارك الطبري مولاه، برد فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله بحدودها وجمع حقوقها المنسوبة إليها من الرقيق والغلاة... " (22).
وهذا الفعل من المأمون إنما هو طعن مباشر في ما رواه أبو بكر الصديق الخليفة الأول وصدقه عمر بن الخطاب عندما روى عن الرسول (ص) " نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة " فأخذا من فاطمة فدكا فخاصمتهما وماتت وهي غضبانة عليهما وأوصت بأن لا يحضرا جنازتها، فعمل الإمام