يتفاوت مصروف إلى أصله، أعني التصديق، وما يدل على أنه يتفاوت مصروف إلى ما به كماله، وهو الأعمال، فالخلاف في هذه المسألة فرع تفسير الإيمان، فإن قلنا (هو التصديق فقط) فلا تفاوت، وإن قلنا (هو الأعمال مع التصديق) فمتفاوت.
وأشار بقوله (كذا قد نقلا) إلى التبري من عهدة صحة هذا القيل، لأن الأصح أن التصديق القلبي يزيد وينقص بكثرة النظر ووضوح الأدلة وعدم ذلك، ولهذا كان إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم بحيث لا تعتريه الشبه، ويؤيده أن كل أحد يعلم أن ما في قلبه يتفاضل حتى يكون بعض الأحيان أعظم يقينا وإخلاصا منه في بعضها، فكذلك التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها، على أن هذا القيل خلاف المعروف بين القوم أن الخلاف حقيقي].
وأقول بعد هذا: هذه مسألة وقع الخلاف فيها بين السلف، وليست هي من أصول الاعتقاد ولو لم يعلمها الإنسان ولم يعرفها لا شئ عليه.