الشافعي رضي الله عنه يقول:
من زعم من أهل العدالة أنه يرى الجن أبطلنا شهادته لقوله تعالى (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) إلا أن يكون الزاعم نبيا " ا ه.
أقول: هذا الكلام الذي قاله الشافعي هو الصواب الذي يميل إليه القلب للآية المذكورة، ولما ذكره الإمام القرطبي عن الإمام النحاس فإنه المفهوم منها والمعقول.
وأما حديث أبي هريرة الذي في البخاري في باب الوكالة (4 / 487) فهو منقطع الإسناد كما قاله الحافظ ابن العربي المالكي كما نقله عنه الحافظ في " الفتح " (4 / 488) لأن البخاري قال في أول إسناده: " وقال عثمان بن الهيثم أبو عمرو حدثنا عوف... " فذكره، ونرى أن هذه القصة مضطربة كما سيأتي بيان رواياتها بعد قليل إن شاء الله تعالى، فهي إما غير ثابتة أو تعددت وهو بعيد لأنه قد روي حصولها مع ستة من الصحابة وظاهر الحادثة واحدة.
- فبعضهم يروي أنها حصلت مع أبي هريرة وذلك عند البخاري (4 / 487) وغيره.
- وبعضهم يقول إنها مع أبي أيوب الأنصاري كما في الترمذي (5 / 158) وفي المستدرك (3 / 458 - 459) للحاكم وفيه أن الذي أتاه شيطانة على صورة السنور!! (أي القط).
- وبعضهم عن أبي بن كعب رواه الطبراني (1 / 201) قال الحافظ الهيثمي في " المجمع " (10 / 118): " رواه الطبراني ورجاله ثقات ".
- وبعضهم عن معاذ بن جبل رواه الطبراني (20 / 51 و 101) وهو حسن بطريق آخر.
- وبعضهم عن أبي أسيد الساعدي عند الطبراني (19 / 236) وقال الهيثمي في " المجمع " (6 / 323): " رواه الطبراني ورجاله وثقوا كلهم وفي بعضهم ضعف " أي أنه حسن كما يظهر.