سلمنا أن هذا المصلي لم يقصد الجماعة بل قصد مجرد المقارنة الأجنبية عن حقيقة الجماعة، إلا أنه لم يقصد النوع الآخر المتخصص بخصوصية الانفراد.
قلت: لا يتوقف التباين والاختلاف في الحقيقة على كون المنوع لكل منهما خصوصية ثبوتية، بل كما يكون الاختلاف بذلك كذلك إذا كانت حقيقة الفرادى متقومة بعدم قصد الجماعة، كالجماد بالإضافة إلى الشجر، فإن الأول متخصص بعدم القوة النباتية، فهو منفصل من حيث الجمادية بفصل عدمي، فليكن الفرادى بالإضافة إلى الجماعة كذلك، فصلاة الجماعة متقومة بقصد الاقتداء، وصلاة الفرادى متقومة بعدم قصد الاقتداء، في قبال كون الفرادى هي الطبيعة اللا بشرط، والجماعة هي الطبيعة بشرط شئ وعليه فإذا فرض عدم قصد الجماعة، فالصلاة الموجودة صلاة مقرونة بعدم قصد الائتمام، فلا مناص بناء على هذا المبنى عما ذكرنا من أن الجاهل بحقيقة الجماعة يقصد تلك الطبيعة الخاصة بمجرد مقارنة فعله لفعل الإمام، فصلاته مقرونة بقصد الجماعة فإذا لم تقع صحيحة بطلت الصلاة رأسا لعدم حصول المقوم لصلاة الفرادى، وهو القيد العدمي فتدبره جيدا.
وهنا مسائل متعلقة بنية الاقتداء الأولى يعتبر وحدة الإمام وتفصيل القول في ذلك بعد وضوح أن الاقتداء من الأمور المتعلقة بشخص موجود، وليس كالملك الاعتباري المتعلق بالكلي مالكا ومملوكا إن الموجود إذا كان متعددا، فأما أن يلاحظ أحدهما المردد، أو هما معا، أو كل منهما مستقلا، أو أحدهما المعين، أما أحدهما المردد المصداقي، فقد ذكرنا في محله أن المردد بالحمل الشايع لا ثبوت له ذاتا ووجودا ماهية وهوية، وما لا ثبوت له بنحو من أنحاء الثبوت يستحيل أن يكون مشخصا لكل صفة تعلقية سواء كانت حقيقية أو اعتبارية، وهذا هو الوجه في الاستحالة، لا حاجة العرض إلى الموضوع، حتى لا تعم الأمور الاعتبارية ولا غيره من الوجوه التي ذكرناها، وما يرد عليها في محلها.