أما الوجه الأول: فمدفوع: بأن الظاهر مما (1) " لا يتخطى بين الإمام والمأموم " بعده عنه من حيث المسافة كما هو صريح ذيل الرواية في مقام تحديد ما لا يتخطى بقدر مسقط جسد الإنسان إذا سجد في مقام تواصل الصفوف وعدم تباعدها وانفصالها.
وأما الوجه الثاني: فقد أفاد الوحيد البهبهاني (قدس سره) في حاشيته على المدارك (2) إن حكاية الرؤية والمشاهدة لا أصل لها أصلا، وأنه ليس في الأخبار عين ولا أثر منها، فجعل السترة والجدار مقيدا بعدم المشاهدة بلا موجب وأما الوجه الثالث: فهو وإن كان مناسبا لاعتبار القرب وعدم التباعد بما لا يتخطى، لمنافاة البعد للاجتماع مع الإمام فكذا الحائل إلا أنه من المناسبات التي لا وثوق بدوران الحكم مدارها حتى يحكم بصحة الصلاة مع صدق الاجتماع وعدمها مع عدمه.
وحينئذ يتوجه الوجه الرابع: فلا بد من الحكم بمانعية كل ما صدق عليه أنه سترة، أو جدار بشرط أن لا يكون بحيث ينصرف عنه لفظ السترة، والجدار كما إذا كان مقدار شبر مثلا.
ويمكن تقوية قوله المشهور بدوران الصحة والبطلان مدار المشاهدة وعدمها بأن السترة وإن لم يكن بمعنى الساتر وكان بمعنى ما يتستر به كما هو معناه لغة، إلا أن المبدء لا بد من تحققه في صدقها كما في نظائره، فالمفتاح وهو ما يفتح به إذا حدث فيه نقص يسقط عن كونه معدا للفتح بل هو قطعة من الحديد، وكذلك السترة إذا كانت بحيث لا يمنع عن المشاهدة، لكثرة الخرق والثقب أو لكونها مشبكة فهي ليست مما أعد للتستر بها بل قطعة من الكرباس مثلا. وحيث إن الجدار ليس مانعا مستقلا، ومقابلته للسترة باعتبار أن السترة مما أعد للتستر بها دون الجدار، فإنه ليس مما أعد للتستر به وإن كان ساترا، فيعتبر حينئذ في الجدار ما يعتبر في السترة وهو كونه