فالظاهر منه ما هو الساتر بقول مطلق فما لا يكون ساترا في بعض أحوال الصلاة كالحائل القصير، أو المشبك الذي لا يمنع عن المشاهدة، أو الحائل من الزجاج الذي لا يمنع عن الرؤية خارجة عن مدلول الرواية، ولا يعقل إطلاق الساتر الوصفي من حيث الستر وعدمه لعدم انحفاظ ذات المطلق معه بخلاف ما إذا أريد من السترة ذات ما يتستر به المعبر عنه بالفارسية " پرده " فإنه كالجدار قابل للاطلاق من حيث كونه قصيرا لا يمنع عن المشاهدة أو مشبكا مثلا.
وربما يقال: بتعين الثاني نظرا إلى عدم صحة المقابلة بين السترة والجدار كما يقتضيه العطف " بأو " فإنه يقتضي المقابلة، مع أنه لا مقابلة بين الكلي وفرده مع لزوم التنافي بين مقتضاهما، فإن مقتضى إطلاق الساتر الوصفي خروج الأمثلة المتقدمة، ومقتضى إطلاق الجدار دخولها بخلاف ما إذا أريد من السترة المعنى الاسمي فإنه مقابل للجدار حقيقة وإطلاقهما على نهج واحد فيندرج السترة والجدار تحت جامع يناسب إطلاقهما لا تحت جامع الساتر حتى لا يكون فرق بين إرادة المعنى الوصفي والمعنى الاسمي من السترة.
وتوضيح المقام أن وجوه اعتبار مانعية الحائل أربعة.
أحدها: اعتبار مانعية ما لا يتخطى طولا نظرا إلى تفريع الحائل على مانعية ما لا يتخطى، فيدخل فيه الطويل والقصير والمشبك والزجاج.
ثانيها: اعتبار مانعيته عن المشاهدة لا عن الاستطراق، فمثل الزجاج والمشبك لا يمنع عن المشاهدة مطلقا.
ثالثها: اعتبار مانعيته من حيث الاجتماع عرفا، فإن من كان بينه وبين غيره حائل أياما كان غيره مجتمع معه عرفا، والجماعة متقومة بالاجتماع، وإنما لا يمنع عن اجتماع المرأة مع الرجل لأن بناء اجتماع الأجنبية مع الأجنبي على أن يكون بينهما سترة ولذا يمنع الحائل عن اجتماع المرأة مع المرأة.
رابعها: اعتبار مانعية التسرة والجدار وما يشبههما تعبدا فمتى صدق أنه بينهما سترة، أو جدار، أو أسطوانة، أو شجر يحول بينهما يحكم بفساد الجماعة من دون نظر إلى حيثية المنع عن المشاهدة.