الحق والطريق الصحيح الموجب لنيل الكرامة عند الله، فالوجه الأول ناظر إلى الأصول العقائدية عند الشيعة والسنة، فإذا لوحظ ما تقول به الشيعة الإمامية وما تذهب إليه الطوائف الأخرى - كما جاء في كتبهم الاعتقادية المعتبرة - وجد عقائد الإمامية هي المطابقة لحكم الدين ودرك العقل السليم.
وإذا كان الباحث عن المذهب الحق منصفا، فإنه لا يتردد في اتباع ما وافق الدين والعقل، واعتناقه مذهبا مبرءا للذمة وموجبا للنجاة.
والوجه الثاني ناظر إلى استدلال متين قائم على أساس حديثين واردين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند كلا الفريقين بأسانيد معتبرة، يعلن في أولها أن أمته ستفترق من بعده كما افترقت الأمم السابقة، ومن الواضح أن لا نجاة لجميع الفرق المختلفة، لكون الحق مع فرقة واحدة فقط من بينها، فكان عليه أن يحذر الأمة من الاختلاف والتفرق، ويذكرهم بأن الناجية من تلك الفرق فرقة واحدة فقط.
لكن رأفته بالأمة وعطفه عليهم وحبه لنجاتهم، كل ذلك دعاه لأن لا يترك المطلب على إجماله، فبين لهم - في الحديث الثاني - وعين الفرقة الناجية، مشبها أهل بيته بسفينة نوح، فأرشدهم طريق النجاة والخلاص، ودعاهم إلى اتباع أهل بيته والانقياد لهم، وأنه كما غرق قوم نوح أجمعون إلا من ركب السفينة، فإن قومه كلهم هالكون إلا من اتبع أهل البيت.
وإذا كان هذان الحديثان واردين بطرق صحيحة عند الفريقين، وكانت دلالتهما على هذه النتيجة واضحة جدا لكل عاقل منصف، وجب عليه اتباع مذهب أهل البيت ولم يبق له عذر أبدا.
والوجه الثالث ناظر إلى قضية عقلية عقلائية، يصور فيه حال الباحث الحائر، والدائر أمره بين الأخذ بمذهب الإمامية أو الأخذ بمذهب أهل السنة،