وقد أوضح ذلك شراح البخاري، قال ابن حجر: " قوله: عن علي قال:
أقضوا كما في رواية الكشميهني على ما كنتم تقضون. قيل: وفي رواية حماد بن زيد عن أيوب: أن ذلك بسبب قول علي في بيع أم الولد، وأنه كان يرى هو وعمر أنهن لا يبعن، وأنه رجع عن ذلك فرأى أن يبعن. قال عبيدة: فقل له: رأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة، فقال علي ما قال. قلت:
وقد وقفت على رواية حماد بن زيد، أخرجها ابن المنذر عن علي بن عبد العزيز عن أبي نعيم عنه، وعنده قال لي عبيدة: بعث إلي علي وإلى شريح فقال: إني أبغض الاختلاف، فاقضوا كما كنتم تقضون، فذكره إلى قوله أصحابي، قال: فقتل علي قبل أن يكون جماعة. قوله: فإني أكره الاختلاف، أي الذي يؤدي إلى النزاع، قال ابن التين: يعني مخالفة أبي بكر وعمر. وقال غيره: المراد المخالفة التي تؤدي إلى النزاع والفتنة، ويؤيده قوله بعد ذلك: حتى يكون الناس جماعة... " (1).
فاندفع ما توخاه بقوله: " فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم علي الكوفة " لما عرفت من أن علم الإسلام انتشر في المدائن عن طريق باب مدينة العلم فقط دون غيره، وأنه لا سبيل إلى علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا من هذا الباب، فمن أتاه فقد امتثل أمر النبي، ومن لم يأته هلك وخسر، وكل ما خرج من هذا الباب فهو علم ونور وهداية، وكل ما كان من غيره فهو جهل وظلمة وضلالة.