الأمور في مقابلة الإمامية ليس إلا سفاهة ورقاعة، بل إن كثيرا منها لا يقبل الإثبات على ضوء كلمات أهل السنة ورواياتهم أيضا، وتفصيل ذلك هو:
أن الأصل في هذا المطلب بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام ومعاذ بن جبل إلى اليمن، لكن بعث الإمام متفق عليه بين الفريقين.
أما بعث معاذ فمما رواه أهل السنة خاصة، ولا يجوز لهم إلزام الشيعة به، ولو سلمنا ذلك لم يكن فيه نفع لابن تيمية، لعدم الريب في أن بعث الإمام عليه السلام كان للتعليم والإرشاد، وأن بعث معاذ بن جبل كان لأجل جبر حالته الدنيوية كما هو مذكور في كتب القوم. وأما ما ذكره بعض أهل السنة من أنه صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذا إلى اليمن للقضاء، فباطل محض، وافتعال صرف، لم يرد به حديث صحيح، بل الأصل في ذلك الحديث الذي رواه الترمذي، وقدح فيه هو وغيره من أكابر علمائهم، وإن شئت تفصيل الكلام في إثبات وضع هذا الحديث حسب كلمات مشاهير أهل السنة، فراجع كتاب (استقصاء الإفحام في الرد على منتهى الكلام).
وإذا كان بعث معاذ بن جبل إلى اليمن لأمر دنيوي خاص به، لم يجز القول بأنه راح إليها للتعليم، فضلا عن القول بأن تعلم أهل اليمن منه كان أكثر من تعلمهم من علي، ولو فرض قيام معاذ ببعض التعليم مع ذلك، فلا ريب في فساد ما ألقاه إليهم، للأدلة الكثيرة القائمة على جهل معاذ بمسائل الحلال والحرام.
ومع تسليم أنه بعث إلى اليمن للتعليم كما يدعي المخترصون من أهل السنة، فإن ترجيح تعليمه على تعليم الإمام عليه السلام غير جائز، لعدم الخلاف بين المسلمين في أنه عليه السلام أفضل من معاذ بن جبل، وعلى هذا، فلو بقي معاذ في أهل اليمن عمر نوح، ولم يلبث فيهم الإمام إلا يسيرا، لرجح تعليم الإمام على تعليم معاذ، وكان أفضل وأشد تأثيرا وأكثر فائدة، وقد ذكروا أن النبي صلى الله