وقال أيضا: " لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير سورة الفاتحة ".
وإن أراد ابن تيمية أن غالب ما ظهر من علومه كان بالكوفة، ففيه: إن غالب علمه كان بالمدينة لا بالكوفة، فإن رجوع الشيوخ الثلاثة وغيرهم من الأصحاب إليه في المعضلات والمشكلات كان بالمدينة، وأما في الكوفة فلم يتفرغ للتعليم والإرشاد، لاشتغاله عليه السلام فيها غالبا بما يتعلق بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
قال: " ومع هذا فأهل الكوفة قد تعلموا القرآن والسنة من قبل أن يتولى عثمان فضلا عن علي ".
أقول: يريد ابن تيمية تعلم أهل الكوفة القرآن والسنة على عهد عمر بن الخطاب، ولكن هذا توهم باطل وخيال فاسد، وذلك لوجوه:
الأول: إن الكوفة إنما اختطت للمسلمين في السنة السابعة عشرة، وقد كان موت عمر بن الخطاب في السنة الثالثة والعشرين من الهجرة، فكيف تعلم أهل الكوفة القرآن والسنة - أو أكثرهما - في مدة ستة سنوات، مع أن عمر بن الخطاب قد تعلم سورة البقرة وحدها في اثني عشرة سنة كما في (الدر المنثور) (1) وغيره؟
الثاني: كيف يدعي ابن تيمية تعلم أهل الكوفة القرآن والسنة عن عمر بن الخطاب، مع ما ثبت واشتهر من جهل عمر بألفاظ القرآن ومعانيه، ومجانبته للسنة الشريفة ومعالمها؟ فإن أراد تعلمهم القرآن والسنة من أتباعه وأشياعه فهم أدنى مرتبة وأقل شأنا من إمامهم.
الثالث: إن الذي ورد الكوفة من قبل عمر بن الخطاب هو عمار بن ياسر يصحبه عبد الله بن مسعود، فإن أراد ابن تيمية تعلم أهل الكوفة من هذين