شئ من الحاكم لمصلحة يراها، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي " (1) وهذا التحديد قريب من المعنى اللغوي فإنه يتفق معه في أن (السياسة) تدبير شؤون الأمة ورعاية مصالحها وإن لم يكن ذلك على ضوء الشريعة الإسلامية، ولم يرد به دليل خاص من الشرع، وقد استند القائلون بذلك إلى ألوان من المخالفات للشرع ارتكبها بعض الخلفاء من الحاكمين في صدر الإسلام، ولكن ذلك لا يوجب صحة التعريف، وسلامته من النقض والإبرام فإن المقياس في صحة السياسة - كما سنذكره - هو موافقتها لكتاب الله العزيز وجريها على سنة نبيه العظيم (ص) وما شذت عنهما فهي فاسدة، وليس عمل الحاكم أو قوله في الميدان السياسي وغيره حجة ولا دليلا فإن عارض النص فهو إما مؤول أو مطروح، بالإضافة إلى أن الشريعة الإسلامية ما تركت شأنا من شؤون الحياة إلا عالجته على ضوء منطقها الرصين. ويتضح ذلك جليا عند القائلين بفتح باب الاجتهاد، وهم أصحاب التفكير الحر من المسلمين فإنه لا يمكن أن يكون هناك حكم من الأحكام أو موضوع من الموضوعات قد أهملته الشريعة الإسلامية أو سكتت عنه.
وعرفها الأستاذ عبد الوهاب خلاف بتعريف آخر فقال:
" إن علم السياسة الشرعية يبحث فيه عما تدبر به شؤون الدولة الإسلامية من القوانين والنظم التي تتفق وأصول الإسلام، وإن لم يقم على كل تدبير دليل خاص " (2).
وقد ألم هذا التحديد بعلم السياسة الإسلامية، وسلم من بعض النقوض