ويقول الإمام أمير المؤمنين (ع) في عهده لمالك الأشتر:
" واعلم - مع ذلك - أن في كثير منهم ضيقا فاحشا وشحا قبيحا واحتكارا للمنافع وتحكما في البياعات وذلك باب مضرة للعامة، وعيب على الولاة، فامنع من الاحتكار فإن رسول الله (ص) منع منه إلى أن قال فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكل به وعاقبه في غير إسراف ".
ويثبت الاحتكار في سبعة أشياء الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت والملح فإذا احتكرها الشخص ولم توجد عند غيره وجب على الدولة أن تستولي عليها وتأخذها منه بالقسر وتتولى تسعيرها إن أجحف صاحبها بالسعر (1) وقد أفرد ابن خلدون في " مقدمته " فصلا خاصا في أضرار الاحتكار قال فيه:
" ومما اشتهر عند ذوي البصر والتجربة في الأمصار إن احتكار الزرع لتحين أوقات الغلاء مشؤوم وإنه يعود على فائدته بالتلف والخسران وسببه والله أعلم أنهم لحاجاتهم إلى الأقوات مضطرون إلى ما يبذلون فيها من المال اضطرارا فتبقى النفوس متعلقة به، وفي تعلق النفوس بما لها سر كبير في وباله على من يأخذه مجانا ولعله الذي اعتبره في الشرع من أخذ أموال الناس بالباطل وهكذا وإن لم يكن مجانا فالنفوس متعلقة به لإعطائه ضرورة من غير سعة في العذر فهو كالمكره وما عدا الأقوات والمأكولات من المبيعات لا اضطرار للناس إليها وإنما يبعثهم عليا التفنن في الشهوات فلا يبذلون أموالهم فيها إلا باختيار وحرص ولا يبقى لهم تعلق بما أعطوه فلهذا يكون من عرف الاحتكار تجتمع القوى النفسانية على متابعته لما يأخذه من أموالهم فيفسد ربحه "