وشيوع الاضطرابات، وانتشار الشذوذ والجرائم، وإقصاء الفضيلة والمثل الخيرة من البلاد، وقد عمل الإسلام منذ فجر تاريخه على إذابة الفقر وتحطيمه وإزالة شبحه، وذلك بما سنه من النظم الاقتصادية الخلاقة التي لا تبقى أي أثر للفقر والحرمان.
لقد قضى الإسلام في أيام حكمه على جميع آثار الفقر فلم يعد في البلاد من يشكو العرى والجوع فقد ذكر المؤرخون في زمن عمر بن عبد العزيز أن رجلا أرسل مع ابنه صدقة ليتصدق بها على فقير، فطاف أحياء دمشق حيا بعد حي يلتمس الفقير والمعوز فلم يجدهما فاضطر إلى إعادة المال إلى أبيه.
إن مشكلة الفقر من أهم المشاكل العالمية التي أعيت رجال الاقتصاد والفكر فوضعوا لحلها عدة من المناهج الاقتصادية وترجع أكثرها إلى المبادئ الرأسمالية والشيوعية، ولم تتمكن هذه الأنظمة على حل مشكلة الفقر، وانقاذ الإنسان من هذا الداء الوبيل، فالرأسمالية القديمة والحديثة قد وضعت جميع المناهج الاقتصادية لزيادة الربح الفردي فأباحت له الاحتكار والاستغلال والربا وغير ذلك من الطرق التي تؤدي إلى نمو أمواله وزيادة أرباحه، وقد أشاعت بذلك الفقر والحرمان والبؤس والشقاء في الأكثرية الساحقة من شعوبها.
وأما الشيوعية فإنها قد أممت جميع الممتلكات للدولة، ولم تبح بأي حال من الأحوال الملكية الفردية، وقد قضت بذلك على أقوى الغرائز الأصيلة في الإنسان فإنه مجبول على حب التملك ويستحيل القضاء على هذه الظاهرة النفسية وقد ارتكبت الدول الشيوعية في سبيل ذلك أفحش الجرائم فقتلت ونكلت بالمواطنين، ولم تتمكن على تطبيق ذلك حتى اضطرت إلى العدول عنه فمنحت الأفراد الملكية الصغيرة ولكنها فرضت عليها القيود والأغلال، وهي طريقة