إن هذه القوانين قد ميزت بين الناس، وجعلتهم طبقات كما أوجبت انهيار المساواة، وتحطيم أسس العدالة.
إن المساواة العادلة بجميع أشكالها وألوانها لا ظل لها إلا في الشريعة الإسلامية التي ساوت بين جميع الناس في الحقوق والواجبات والمسؤوليات فلا فضل لأحد على أحد، ولا ميزة لقوم على آخرين، فليس في الإسلام رجال لا يخضعون للقانون، وليس فيه ملوك وأمراء أو شخصيات لا تطبق عليهم أحكام الدين وحدوده فيما إذا شذوا عن الطريق، إن القانون الإسلامي ينفذ على جميع أفراد المجتمع من غير فرق بين أحد وأحد منهم فليس هناك من هو غير مسؤول عن جريمته وخطأه لقد أعلن النبي (ص) أروع معاني المساواة بين الرؤساء والمرؤوسين فقد دخل عليه أعرابي فأخذته هيبة النبي فارتعدت فرائصه فالتفت (ص) قائلا له:
" هون عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد " وتقاضاه غريم له فأغلظ عليه فهم به عمر بن الخطاب فأنكر عليه النبي ذلك وقال له:
" مه يا عمر كنت أحوج أن تأمرني بالوفاء، وكان أحوج إلى أن تأمره بالصبر " (1) هذه هي المساواة الرفيعة التي تحقق العدل الاجتماعي في البلاد وتنشر الأمن والسلام في الأرض، ولو سار المسلمون على ضوئها لكانوا سادة الأمم وهداة الشعوب وقادة العالم إلى الخير والرشاد.