وقت إعلانه لأنه يحتاج إلى الطاقات الروحية وليس لها أثر في قلوب الفرنسيين بل وفي عامة الغربيين فإنه في نفس الوقت الذي أعلنت فيه فرنسا الأخوة الإنسانية، قد اندلعت فيها المشاحنات والخصومات وفاضت أرضها في برك من الدماء، وكان شعار الإخاء عذابا وسجونا ومظالما في الجزائر وفي إفريقيا والهند الصينية وتحولت شعارات الإخاء الفرنسي إلى أكذوبة كبرى تثير السخرية والاشمئزاز عند جميع الناس.
إن الإسلام رفع شعار الأخوة الكبرى قبل أن تعلنها فرنسا بقرون وأجيال وبناها على أسس رفيعة وأحاطها بسياج واق، فلم تكن الأخوة الإسلامية شعارا زائفا، وإنما هي حقيقة واقعة وتجربة تاريخية، وأصل بارز من أصول الإسلام.
إن الأخوة الإسلامية لم تقم على أساس قبلي أو جنسي أو إقليمي ولم تبتن على أسس سطحية وإنما أقيمت وبنيت على أنها جزء من أجزاء العقيدة يسأل عنها المسلم ويحاسب عليها، وبذلك أصبحت الأخوة الإسلامية تشتمل على طاقات هائلة من القوة تمد المجتمع الإسلامي بالوحدة والتفاهم والإيثار والتعاون وتخلق له أنموذجا فريدا من التكافل الاجتماعي كما تسد الطريق أمام أعدائه من أفاعي الجشع والاستعمار.
وبلغت الأخوة الإسلامية القمة في روعتها وعظمتها، ويظهر ذلك جليا حينما نقرأ قول النبي (ص):
" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه " ويصف (ص) المجتمع الإسلامي في تقارب عواطفه ووحدة مشاعره بأنه كالجسم الواحد فقال: