في العالم العربي وغيره يدعوهم فيها إلى الإسلام فأجاب جماعة منهم وامتنع آخرون وكانت هذه الرسائل تحمل موجة المد الإسلامي إلى الشعوب المتعطشة لهدى الإسلام المترع بروح الرفق والسماحة والأخوة والإيثار يقول الأستاذ محمد عبد الله عنان عن هذه السفارات النبوية:
" كانت هذه السفارات والكتب النبوية عملا بديعا من أعمال الدبلوماسية بل كانت أول عمل قام به الإسلام في هذا الميدان. وليس أسطع من هذه السفارات دليلا على ما كانت تجيش به نفس النبي العربي من فيض في الإيمان والشجاعة ذلك النبي الذي لم يكن قد نجا بعد من اضطهاد قومه ولم يكن له سلطان يعتد به أو قوى يخشى بأسها يقدم في ثقة وشجاعة على دعوة قيصر الدولة الرومانية وعاهل الدولة الفارسية، وباقي الملوك والأمراء المعاصرين إلى اعتناق دعوة لم تكتمل بعد في مهدها على أن هذه الدبلوماسية الفطنة التي لجأ إليها النبي في مخاطبة ملوك عصره لم تذهب كلها عبثا كما رأينا. ولا ريب أن النبي لم يكن يتوقع أن يلبي أولئك الملوك الأقوياء دعوته وهو ما يزال يكافح في بثها بين قومه وعشيرته بيد أن إيفاد هذه البعوث كان علما متمما للرسالة النبوية وكان العالم القديم الذي يتجه إليه النبي العربي بدعوته يقوم على أسس واهية تنذر بالانهيار من وقت إلى آخر. وكانت الأديان القديمة قد أدركها الانحلال والوهن فكانت الدعوة الإسلامية تبدو في جدتها وبساطتها وقوتها ظاهرة تستحق البحث والدرس ولم يكن عسيرا أن يستشف أولو النظر البعيد ما وراء هذه الدعوة الجديدة من قوى تنذر بالانفجار وقد كان الانفجار في الواقع سريعا جدا فلم تمض أعوام قلائل على إيفاد هذه البعوث حتى كان الإسلام قد غمر قلب الجزيرة العربية وانساب تيار الفتح الإسلامي إلى قلب الدولتين الرومانية والفارسية، وأخذ العرب أبناء الدين الجديد وحملة الرسالة المحمدية